الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَآ أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَٰتٍ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ عِندَ ٱلْمَشْعَرِ ٱلْحَرَامِ وَٱذْكُرُوهُ كَمَا هَدَٰكُمْ وَإِن كُنْتُمْ مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ ٱلضَّآلِّينَ }

{ لَيْسَ عَلَيْكُم جُناحٌ } إثم ولا عتاب، فإن الجناح يطلق على الإثم وعلى العتاب، فهو عام لهما يجوز أن يستعمل فى أحدهما وأن يستعمل فيهما. { أَنْ تَبتغُوا } فى أن تبتغوا، أى فى أن تطلبوا. { فَضلاً } عطاءاً ورزقاً. { مِنْ ربِّكُم } بالتجر، روى البخارى عن ابن عباس كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقاً فى الجاهلية، فلما كان الإسلام تأثموا فى تلك الأسواق فى مواسم الحج، وكانت معايشهم منها، فنزلت الآية، وعكاظ سوق بقرب مكة لقيس، ومجنة - بفتح الميم وكسرها والفتح أشهر وتشديد النون - سوق على بريد من مكة لكنانة بمر الظهران، وذو المجاز سوق بعرفة لهذيل، وكانوا يقيمون بعكاظ عشرين يوماً من ذى القعدة، ثم ينتقلون مجنة فيقيمون بها ثمانية عشر يوماً عشرة من آخر ذى العقدة، وثمانية من ذى الحجة، ويخرجون فى الثامن إلى عرفة، وقال الداودى مجنة عند عرفة وعن أبى أمامة التيمى كنت أكرى فى الحج، وكان الناس يقولون لى ليس لك حج، فلقيت ابن عمر فقلت له يا أبا عبد الرحمن إنى رجل أكرى جمالى فى الحج، وإن أناساً يقولون إنه ليس لك حج. فقال ابن عمر أليس تحرم وتلبى وتطوف بالبيت وتفيض من عرفة وترمى الجمار؟ قلت بلى قال فإن لك حجاً، " جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن مثل ما سألتنى عنه، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجبه، حتى نزلت الآية { لَيْسَ عَلَيْكُم جُنَاح أنْ تَبْتغُوا فَضْلاً من ربكم } فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأها عليه، وقال " ولك حج " أخرجه أبو داود والترمذى، وقال بعض العلماء إن التجارة إن أوقعت نقصا فى أعمال الحج لم تكن مباحة، وإن لم توقع نقصاً فيه فمباحة، لكن الأولى تركها لتجريد العبادة عن غيرها، لأن الحج بدون التجر أكمل وأفضل، ذكر ذلك الخازن فى تفسيره، وبعضه أخذه عن الكشاف، وروى الكشاف فدعى به فقال أنتم حجاج، وسئل عمر هل كنتم تكرهون التجارة فى الحج؟ فقال نعم ولكن نزلت الآية رافعة للكراهية. وقرأ ابن عباس فضلا من ربكم فى مواسم الحج، وكان ناس من العرب يتأثمون أن يتجروا أيام الحج، وإذا دخل العشر كفوا عن التجر والبيع والشراء، فلم تقم لهم سوق، ويسمون من يخرج بالتجارة الداج، ويقولون هؤلاء الداج، وليسوا بالحاج، وعن عبيد الله بن أبى يزيد سمعت عبد الله بن الزبير، وبلغه أن ناساً يتأثمون من التجارة فى الحج، وقال يقول الله { ليس عَلَيْكُمْ جَناحٌ أنْ تَبتغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكم } ، يعنى به التجارة فى مواسم الحج، وعن الحسن أنه كان لا يرى بأساً بالتجارة فى الحج فى الفريضة وغيرها، وروى مجاهد عن ابن عباس أن ناسا من المسلمين تحرجوا عن التجر فى مواسم الحج فنزلت الآية.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8