الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَنْفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ }

{ وأنفِقُوا } من أموالكم. { فى سَبِيلِ اللّهِ } الجهاد. لما أمرهم بالجهاد أمرهم بالإنفاق فى مصالحه لأنه إنما يتهيأ بالإنفاق، ويجوز أن يراد بسبيل الله طاعة الله عموماً كالحج والعمرة وصلة الرحم والصدقة على الناس والعيال والجهاد، وتجهيز الغزاة. روى البخارى عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من احتبس فرساً فى سبيل الله إيماناً واحتساباً لله وتصديقاً بوعده فإن شبعه وريه وروثه وبوله فى ميزانه يوم القيامة " ، وروى الربيع بن حبيب، عن أبى عبيدة، عن جابر بن زيد، عن أبى هريرة عنه صلى الله عليه وسلم. " الخيل لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر، فالذى هى له أجر فرجل ربطها فى سبيل الله فأطال لها فى مرج أو فى روضة فما أصابت فى طيلها ذلك من المرج والروضة كان له حسنات، ولو أنها قطعة طيلها ذلك فاستنت شرفا أو شرفين كانت آثارها وأرواؤها حسنات له، ولو أنها مرت بنهر فشربت منهُ لم يرد أن تشر منهُ كان لهُ ذلك حسنات فهى له أجر، ورجل ربطها تغنياً وتعففاً ولم ينس حق الله فى رقابها ولا فى ظهورها فهى له ستر، ورجل ربطها فخراً ورياءً ونواء لأهل الإسلام، فهى على ذلك وزر " وقال الربيع أطال لها أطال الحبل لها لتتمكن من الرعى، واستنت مرحت تجرى، ولم ينس حق الله لم يتركه، ولواءً لأهل الإسلام عداوة لهم، وروى خديم بن فاتك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " من أنفق نفقة فى سبيل الله كتب الله له سبعمائة ضعف " أخرجه الترمذى والنسائى، وروى أبو صالح عن ابن عباس موقوفاً أنه قال تمنع فى سبيل الله ولو بسهم، وذكر بعضهم أن الله تعالى أعطاهم رزقاً ومالا فكانوا يغرون ولا ينفقون أموالهم فى سبيل الله فأمرهم الله بالإنفاق فيه. { ولا تُلْقَوا بأيدِيكُم إلىَ التَهْلُكةِ } الباء صلة لتأكيد النهى والأيدى مفعول تلقوا بمعنى الأنفس، والمعنى لا تلقوا أنفسكم إلى التهلكة، قال ابن هشام تزاد الباء فى المفعول نحو ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة. وقيل ضمن تلقوا معنى تفضوا فليست زائدة، قال السهر لى وقيل المراد لا تلقوا أنفسكم بأيديكم، فحذف المفعول به والباء للآلة كما فى كتب بالقلم. أو المراد بسبب أيديكم كما يقال لا تفسد أمرك برأيك، وقيل المعنى لا تجعلوا التهلكة آخذة بأيديكم، وهذا أيضاً على زيادة الباء، ومن ملك أمره لشئ صح أن يقال ألقى أمره إلى ذلك الشئ، والإلقاء الطرح، وعدى بإلى لتضمنه معنى الإنهاء، والتهلكة والهلاك والهلك بمعنى حكاه الفارسى فى حلبياته عن أبى عبيدة، وقيل التهلكة ما يمكن الاحتراز عنه.

السابقالتالي
2 3 4