الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }

{ وإذا سَألَكَ عِبادِى عَنِّى فإنِّى قَريبٌ } روى أن أعرابيا قال لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فننادية؟ فنزلت الآية. وظاهر هذا أن المراد إذا سألك عبادى عن قربى إليهم، أو بعدى. وقيل إن الصحابة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أى ساعة ندعو ربنا؟ فنزلت الآية. وظاهر هذا أن المراد إذا سألك عبادى أىّ وقت أقرب للإجابة. وقيل إن بعض الصحابة الحديثى العهد بالإيمان، قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أين ربنا؟ فنزلت الآية. والمعنى وإذا سألك عبادى عن مكانى، فإنى متعال عن المكان متنزه عنه، ولكنى قريب إلى كل شئ. وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال يهود المدينة يا محمد كيف سمع ربنا دعاءنا وأنت تزعم أن بيننا وبين السماء خمسمائة عام، وأن غلظ كل سماء مثل ذلك؟ فنزلت الآية. والروايتان السابقتان أولى، لأن إضافة العباد إلى نفسه مع قوله { إنى قريب أجيب } الآية. تدل على اللطف والرحمة، ولا يناسبها هؤلاء الكفرة المغضوب عليهم. وأما قوله تعالىيا عِبادىَ الَّذِينَ أسْرفُوا } فجلب للمسرفين وتحبب إليهم لئلا ييئسوا، والأكثر على الروايتين السابقتين، ويناسبهما ما ذكر بعض أن موسى صلى الله على جميع الأنبياء قال يا رب. أقريب أنت فأناجيك أم بعيد فأناديك؟ فأوحى الله إليه أنا عند ظن عبدى، وأنا معه إذا دعانى، ويقرب منهما ما قيل لما نزل قوله تعالىادْعُونى أسْتَجبْ لكُم } فقال رجل كيف ندعو يا رسول الله؟ أى أنجهر أم نخافت؟ فأنزل الله جل وعلا { وإذا سَألكَ عِبادِى عنِّى فإنِّى قريب أجيب دعوة الداع } ورواية الحسن البصرى أن قوما قالوا للنبى صلى الله عليه وسلم أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ فنزلت الآية. وروى أن الآية نزلت فى الذين جامعوا ليلة الصيام بعد النوم وبعد صلاة العشاء، وكان ذلك حراماً ونسخ. وروى البخارى ومسلم عن أبى موسى الأشعرى، " لما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبرا وقال توجه إلى خيبر أشرف الناس على واد، فرفعوا أصواتهم بالتكبير الله أكبر لا إله إلا الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أيها الناس أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً إنكم تدعون سميعاً بصيراً قريباً وهو معكم " ومعنى أربعوا على أنفسكم أرفقوا بها أو كفوا عن الجهر، وإن قلت الله قريب سواء سألوا أم لم يسألوا فكيف قال { وإذا سألك عبادى عنى }؟ قلت الجواب محذوف تقديره فقل إنى قريب، ومقتضى فقل إنه قريب لكن جئ بضمير التكلم تأكيداً وفيه الالتفات. وإن قلت ما معنى قربه تعالى؟ قلت ذلك كناية أريد فيها لازم المعنى، ومحال إرادة المعنى، لأنه تعالى لا يوصف بالحلول ولا بالاحتواء، ولا بالتحيز والقرب الحقيقى متضمن ذلك كله، فليس مراداً، لكن المراد لازمه فى الجملة، وهو العلم بحال العبد، وقوله وفعله.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7