الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةَ وَٱلدَّمَ وَلَحْمَ ٱلْخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ ٱللَّهِ فَمَنِ ٱضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاۤ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

{ إنَّما حرَّم عليكُم الميتَةَ } أى ما حرم عليكم إلا الميتة والدم إلخ. والحصر إضافى منظور فيهِ إلى الحيوان، فلا يشكل أنه قد حرم غير ذلك كالأجناس والمتنجساتٌ، إذا كانوا يحرمون بعض الطيبات ويحرمون السائبة والبحيرة ونحوها، فرد الله جل وعلا عليهم بأن المحرم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به لا ما تحرمونهُ، ويجوز أن يكون إضافيا منظوراً فيه إلى السعة كأنه قيل ما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به إلا فى السعة، وأما فى الضرورة فما حرم ذلك، ثم إن كان الخطاب للمؤمنين الذين حرموا بعض اللذائذ مع الميتة وما بعدها، فالقصر إفرادى، وإن كان للكفار الذين حرموا السائبة ونحوها مما هو حلال دون الميتة وما ذكر بعضها فقصر قلب، وإن كان لمن رأى تحريم المؤمنين وتحريم الكافرين فتردد هل حرم جميع ما حرم المؤمنون أو بعضه أو ما حرم الكافرون فقصر تعيين، وفاعل حرم بالبناء للفاعل ضمير يعود إلى الله، والميتة بالنصب مفعول به، وإنما معطوف به وكاف وهى المفيدة للحصر، قرئ إنما حرم عليكم الميتة بالبناء للمفعول، ورفع الميتة فإنما معطوف، وكاف مقيد للحصر، والميتة نائب حرم، ويجوز أن يكون ما إسماً موصولاً. وقرئ إنما حرم عليكم الميتة بالبناء للفاعل والتشديد ورفع الميتة على أن إسما لأن، وفى حرم ضمير نائب الفاعل عائد عليها، والجملة صلتها، والميتة خبر إن، أى إن الذى حرم عليكم هو الميتة، وعلى هذا فمفيد الحصر تعرف المسند والمسند إليه. وقرئ إنما حرم عليكم الميتة بفتح الحاء وضم الراء خفيفة، ورفع الميتة فإنما معطوف، وكاف والميتة فاعل حرم، ومفيد الحصر إنما، ويجوز أن يكون ما إسما موصولا إسماً لأن، وفى حرم ضميره الفاعل، والجمة صلة، والميتة خير إن، ومفيد الحصر تعريف المسند والمسند إليه، أى إن الذى حرم عليكم هو الميتة، واختار الزجاج كون إنما معطوف وكافا فى قراءتى الرفع فيكون الميتة هو المسند إليه والمسند حرم، واختار السعد كونه إن وإسمها لتبقى إن على عملها وهو الأصل، فيكون الميتة مسنداً وما مسند إليه. قلت لكن تخالف أصل الحصر كلما جعلنا ما إسما لإن، لأنها متصلة بالنون كالخط، واتصالها يقتضى أنها كافة، وكونها اسما لإن يقتضى انفصالها عن النون. وقرئ إنما حرم عليكم الميتة ببناء للفاعل وتشديد حرم ورفع الميتة، فإنما إن وإسمها وفاعل حرم ضمير عائد إلى الله، والجملة صلة ما، والرابط محذوف، والميتة خبر إن، أى إن الذى حرمه الله عليكم هو الميتة، فمقيد الحصر تعريف المسند إليه وهو ما والمسند وهو الميتة، وهذا أولى من قول بعضهم فى هذه القراءة إنما مكفوف وكاف، وأن مفعول حرم محذوف، وأن الميتة خبر لمحذوف، وأن الجملة صفة لذلك المحذوف، أى إنما حرم الله عليكم شيئاً هو الميتة، أو هو الميتة مستأنف لما فى ذلك من التكلف، ويقدر مضاف أى حرم عليكم نفع الميتة، وهذا المضاف المقدر مسلط على الدم ولحم الخنزير وما أهلّ بهِ لغير الله، فإنهُ يحرم أكل ذلك وشربهُ كشرب لبن الميتة والخنزير ولبن ما أهل به لغير الله وشرب الدم وشرب لحم أو غيره فى الماء أو غير الماء، وأكل ثمنه ورهنه، والاستئجار به وإصداقه، والمداواة به، وكل انتفاع إلا ما استثنى الشارع من جواز الانتفاع يجلد الميتة المدبوغ وصوفها ووبرها وشعرها وريشها، واختلف فى العظم والقرن والبيضة قشرها وداخلها.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8