الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُوا مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَآ أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَآءَنَآ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ }

{ وإذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبعُوا ما أنْزلَ اللهُ } أى وإذا قيل للناس المذكورين فى قوله جل وعلا { يأيُّها النّاس كلُوا } ، وفيه التفات من الخطابات السابقة إلى الغيبة ومقتضى الظاهر، وإذا قيلَ لكُم اتَّبعوا ما أنْزلَ اللهُ قلتم بل نتبع لكن ذكرهم بلفظ الغيبة ليكون الكلام موجها فى تقبيحهم إلى غيرهم، بحيث لا يكون لهم مدخل فى الخطاب به أعلى بضلالهم، كأنه قيل للعقلاء أنظروا إلى هؤلاء الحمقاءِ، ماذا يقولون إذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله ولأنهم ليسوا أهلا للخطاب، حيث اتبعوا الشياطين بعد ما نهاهم الله عز وجل عنهم، لشدة جهلهم، وكمال غباوتهم، ويجوز أن يكون الكلام متصلا بقولهومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً } فالالتفات والمراد على الوجيهن المشركون من العرب، أى وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله فى القرآن من الحجج والآيات والأحكام الشرعية، وترك اتخاذ الأنداد، وترك تحريم ما أحل الله، وتحليل ما حرم، واتباع خطوات الشيطان. { قالُوا نتَّبعُ ما ألفَيْنا } ما وجدنا. { عليه آباءنا } من اتخاذ الأصنام وتحريم السوائب، والبحاير ونحو ذلك ميلا إلى التقليد، ولمن يدعى الإسلام طرف من هذا نحاججه بالأدلة والبراهين القرآنية والسنية، فلا يتبعها وبآثار العلماء فيأبى إلا ما وجد عليهِ بعضاً من الناس مما خالف القرآن والسنة والأثر. وعن ابن عباس دعا رسول الله صلى الله عليهِ وسلم اليهود إلى الإسلام، فقال طائفة منهم كرافع ابن خارجة ومالك بن عوف وغيرهما بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا، فهم كانوا خيرا منا وأعلم، فنزلت الآية. ومثل هذه المقالة اليهودية يقول بعض من يدعى الإسلام وعلى ما قال ابن عباس يكون الضمير عائداً إلى غير مذكور، أو إلى من فى قوله { من يتخذ } على أن الأنداد الرؤساء فإن اليهود، قبحهم الله، يقندون رؤساءهم، وعلى ما قاله ابن عباس، يكون قوله { ما أنزل الله } ، شاملا للتوراة كالقرآن، لأنها تأمر بما يأمر الحق، ويجب اتباعها فى كل ما لم ينسخ بالقرآن، ويجوز عود الضمير للناس مرادا به اليهود على طريق الاستخدام إن عاد إلى الناس فى قوله { يأيها الناس } وعلى ما يشبه الاستخدام إن عاد إلى الناس فى قوله { ومن الناس }. { أوَلَوْ كانَ آباؤهُم } الهمزة للاستفهام الإنكارى، أنكر أن يكونوا على صواب فى تقليد الآباء، أو للتعجيب، يعنى إيقاع السامع فى عجب، ومدخولهما محذوف، أى أيقولون ذلك أو يتبعون آباءهم، والواو للحال، وصاحب الحال واو يقولون، أو واو يقلدون، أو آباء المقدر، أو للعطف على حال محذوفة، أى يقولون ذلك أو يتبعون آباءهم لو كان آباؤهم يعقلون ويهتدون، ولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون، على معنى أيقولون ذلك، أو أيتبعونهم سواء علموا أو جهلوا، واهتدوا أو لم يهتدوا، وجواب لو محذوف دل عليه ماء يقدر من قولك أو يتبعون، ويجوز أن تكون الهمزة مما بعد الواو، والواو للاستئناف، أو لعطف هذا الكلام من الله على جملة نتبع ما ألفينا عليه آباءنا من كلامهم، أو للحال من كلام الله وصاحب الحال من كلامهم، وهو نا من ألفينا، والمعنى أو لو كان آباؤهم الذين يتبعونهم.

السابقالتالي
2