الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلْنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَاتِ وَٱلْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي ٱلْكِتَابِ أُولَـٰئِكَ يَلعَنُهُمُ ٱللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ ٱللاَّعِنُونَ }

{ إنَّ الَّذينَ يكْتُمونَ } أحبار اليهود والنصارى، ودخل غيرهم فى حكم الآية بالمعنى، من كل كاتم لعلم أو حق، ويجوز أن يكون المراد فى الآية كل كاتم من اليهود والنصارى وغيرهم، لعموم لفظ الذين يكتمون، ولو كان سبب نزول الآية خاصا وهو اليهود والنصارى، وهم أول من فتح كتمان أمر محمد، صلى الله عليه وسلم، ودخل الأحبار وغيرهم أيضا من كل من علم بالسمع عن كتاب الله، او عن خبر صحيح من أسلافه، أو عن غير ذلك كعامة اليهود والنصارى، والكتمان هو ترك إظهار الشئ مع الحاجة إلى بيانه، وإن شئت فقل إخفاءه مع الحاجة إلى بيانه، بل هذا أحسن لأنه يشمل ما إذا ظهر أو كان يظهر ثم أخفاه. { ما أنزلْنَا } فى التوراة والإنجيل، ودخل غيرهما فى ذلك بالمعنى، كالقرآن وغيره من كتب الله جل وعلا، ويجوز أن يكون المراد ما أنزلنا فى التوراة والإنجيل والقرآن وغيره من الكتب الإلهية، ولو كان سبب نزول الآية كتمان ما أنزل الله جل وعلا فى التوراة والإنجيل، لعموم لفظ ما أنزلنا. { من البيِّنات } العلامات الواضحة على نبوة محمد، صلى الله عليهِ وسلم، ورسالته صلى الله عليه وسلم إلى الثقلين كلهم وصفته. { والهُدَى } هو سائر أحكام الله وحدوده وأمره ونهيه كآية الرجم، أو المعنى ما يهدى إلى وجوب اتباعه والإيمان به، صلى الله عليه وسلم، وعن الكلبى البينات ما كتموه من نعت الله، عز وجل، سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم، فى كتبهم، والهدى ما آتاهم به أنبياؤهم، وقيل البينات الإسلام لظهور كونه حقا، والهدى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، لأنه يهدى إلى الحق، أى ومن أمر الهادى أو ذى الهدى وسماه الهدى مبالغة. { مِن بَعْدِ ما بيناه للنَّاس } عموماً اليهود والنصارى وغيرهم، وقيل المراد اليهود والنصارى، والمراد بالذين يكتمون أحبار اليهود والنصارى، وقيل أحبار اليهود ودخل غيرهم بالمعنى. { فى الكِتَابِ } التوراة والإنجيل، فأل للجنس الصادق باثنين، وقيل التوراة، ودخل غير ذلك من كتب الله، جل وعلا، بالمعنى. وقيل المراد التوراة والإنجيل والقرآن وغيرها من كتب الله سبحانه وتعالى. { أُولئِك يَلْعنُهم الله } يبعدهم عن رحمته ورضاه، وعنه صلى الله عليه وسلم " من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة، بلجام من النار " رواه الشيخ هود، رحمه الله، موقوفاً على عطاء، وهو مرفوع كما رأيت. قال ابن العربى من قصد الكتمان عصى، وإن لم يقصده لم يلزمه التبليغ إذا عرف أن معه غيره، يعنى ما لم ير البدع وهو ما خالف دين الله. روى البخارى ومسلم عن أبى هريرة لولا آيتان أنزلهما الله فى كتابه ما حدثت شيئاً أبداً { إنَّ الَّذِين يكْتُمون ما أنزلْنا مِنَ البيِّنات والهدَى } ،

السابقالتالي
2