الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَآ آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ ٱهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ ٱللَّهُ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ }

{ فإن آمنوا } أى اليهود والنصارى. { بمثل ما آمنتم } أيها المؤمنون به. { فقد اهتدوا } فلا يمكن أن يؤمنوا بمثل ما آمنتم به، فلم يمكن أن يكونوا على هدى، وذلك إنما آمن به المؤمنون هو القرآن، ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، والوحى، ولا يوجد مثل القرآن، ولا لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولا لما أوحى إليه، فإن القرآن أفضل كتب الله، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء، والرسل وما أوحى إليه أفضل ما أوحى إلى الأنبياء، فلا مثل لذلك، فضلاً عن أن يؤمنوا به فيهتدوا، والمعلق بالمشفى منتف، وذلك تعجيز. فالباء فى قوله بمثل غير زائدة، ولفظ مثل غير زائد، بل الباء للتعدية، ويجوز أن يكون المراد فإن آمنوا بدين غير دين الإسلام مماثل لدين الإسلام كونه حقا قد اهتدوا، وهذا لا يوجد، إذ لا يكون غير الإسلام حقا، فلا يوجد لهم اهتداء، وهم بحالهم، وهذا كالوجه الذى قبل هذا، والباء للتعدية، ومثل غير زائدة كذلك. ويجوز أن تكون الباء للسببية أو للآلة، ومثل غير زائدة بمعنى إن حصلوا الإيمان بالله ورسوله محمد، وما جاء به بسبب طريق، أو بواسطة طريق مثل الطريق الذى حصلتم به الإيمان، أو بواسطته فقد اهتدوا، لجواز أن يتوصل إلى الشئ الواحد من طريق متعددة، كالمسجد الواحد يتوصل إليه من طرق، ويجوز أن تكون الباء زائدة فى المفعول المطلق، أى فإن آمنوا بالله إيمانا مثل إيمانكم به، كما هو وجه فى قوله عز وجلوجزاء سيئة بمثلها } فهى للتأكيد، فتكون ما مصدرية والهاء عائدة إلى الله سبحانه وتعالى فى هذا الوجه، ولرسول الله، صلى الله عليه وسلم، أو لدين الله أو للهوما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم.. } إلى قوله تعالىوما أوتى موسى وعيسى وما أوتى النبيون } للتأويل بالمذكور، وأما الأوجه السابقة فما فيها اسم موصول أو نكرة موصوفة، والهاء عائدة إليها، ويجوز على مذهب الكوفيين فى زيادة الأسماء أن يكون لفظ مثل زائد، أى فإن آمنوا بما آمنتم به كما هو أحد الأوجه فى قولهوشهد شاهد من بنى إسرائيل على مثله } أى عليه، وتدل له قراءى أبى فإن آمنوا بالذى آمنتم به وأدل من هذه القراءة على ذلك قراءة ابن عباس وابن مسعود { بما آمنتم به } لأن فيها لفظ ما، وإسقاط مثل. وما على هذا الوجه اسم موصول أو نكرة موصوفة، والهاء عائدة إليها، ويجوز أن يقع المثل على القرآن ومحمد، وما على التوراة والإنجيل وموسى وعيسى، أى فإن آمنوا بالقرآن ومحمد اللذين هما مثل التوراة والإنجيل وموسى وعيسى، الذين آمنتم بهم، أو مثل على القرآن وما على التوراة والإنجيل، ووجه المماثلة فى هذين الوجهين كون كل حقا من الله جل وعلا، ولا ينافيان الوجه الأول، لأن المماثلة المنفية فيه بمعنى المساواة.

السابقالتالي
2