الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ رَبَّنَا وَٱبْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَٰتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلعَزِيزُ ٱلحَكِيمُ }

{ ربَّنا } عائد إلى قوله إنك أنت، أو تأكيد لما سبق من النداء، أو عائد إلى محذوف يعطف عليه ما بعده، أى أجب لنا يا ربنا. { وابْعثْ فِيهِم } فى ذريتنا أو فى الأمة المسلمة. { رَسُولاً مِنْهم } طلب رسولا مطلقاً فأجيب بمحمد، صلى الله عليه وسلم. وقيل قد عرفاه وسألاه والأولى أولى، وروى أنهما لما بلغا فى دعائهما إلى قوله { إنَّك أنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ } وفرغا، أوحى إلى إبراهيم قد استجبت لك وهو فى آخر الزمان، فبعث الله تبارك وتعالى فيهم منهم محمداً، صلى الله عليه وسلم، على الصفة التى سألاها. قال صلى الله عليه وسلم " أنا دعوة أبى إبراهيم، وبشرى أخى، عيسى، ورؤيا أمى " يشير إلى هذه الآية وإلى قول عيسىمبشراً برسول يأتى من بعده اسمه أحمد } وإلى الرؤيا التى ترى قرب مبعثه، وفى رواية أو رؤيا أمتى كما يأتى قريبا وهو المجاب به قطعا، إذ لم يبعث من ذريتهما إلا محمد، صلى الله عليه وسلم، لأنه من ولد إسماعيل، ومن كان ولده فهو من ولد إبراهيم، لأن إبراهيم أبو إسماعيل بخلاف إسحاق ويعقوب ونحوهما، فمن ولد إبراهيم فقط دون إسماعيل والعرب العاربة إنما هى من إسماعيل، وإنما طلب الرسول منهم ليكون معروف النسب ذا مكانة فيهم، وليكون أشفق عليهم وأنصح، ويكونوا أقبل لكلامه، ولم يبعث بمكة غيره، وأما سائر أنبياء العرب ففى غير مكة، ومن غير ولد إسماعيل كهود وصالح، وروى البغوى بسنده عن العرباض بن سارية، عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم " إنى عند الله مكتوب خاتم النبيين، وأن آدم لمنجدل فى طينته، وسأخبركم بأمرى ولأمرى أنا دعوة إبراهيم، وبشارة عيسى، ورؤيا أمى التى رأت حين وضعتنى وقد خرج لها نور ساطع أضاءت منه قصور الشام " والمراد برؤية أمه، صلى الله عليه وسلم، رؤيتها النور فى اليقظة، ومعنى منجدل فى طينته منطرح على الأرض لا روح فيه. وروى البيهقى أحمد بن الحسين المولود سنة أربع وثمانين وثلاثمائة والمتوفى سنة ثمان وخمسين وأربعمائة وغيره، عن طلحة بن عبيد الله أنه قال حضرت سوق بصرا فإذا راهب فى صومعة يقول سلوا أهل هذا الموسم، أفيهم من هو من هذا الحرم؟ قال قلت أنا، فما تشاء؟ قال هل ظهر أحمد بعد؟ قلت ومن أحمد؟ قال أحمد بن عبدالله بن عبد المطلب هذا شهره الذى يخرج فيه، وهو خاتم الأنبياء، مخرجه من الحرم، ومهاجره إلى نخل وسباخ، إذا كان فلا تسبقن إليه. فوقع فى قلبى ما قال، وأسرعت اللحاق بمكة، فسألت هل ظهر بعدى أمر فقالوا محمد الأمى قد تنبأ وتبعه أبو بكر بن أبى قحافة، فمشيت إلى أبى بكر وأدخلنى إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأسلمت.

السابقالتالي
2 3