الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذِ ٱبْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي ٱلظَّالِمِينَ }

{ وإذ ابتلَى إبْراهِيمَ ربُّهُ بكلِماتٍ } إذ معمول لمحذوف، أى اذكر إذ ابتلى، أو اذكر الواقع إذ ابتلى، فهى مفعول به للذكر أو ظرف للواقع، وهكذا فى مثل ذلك، ويجوز تعليقه، يقال من قوله { قال إنى جاعلك للناس إماماً } أو بمحذوف مثل اجتهد، أو كان كذا أى وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات اجتهد، أو كان له الفوز، ونحو ذلك. أو يقدر كان له الفوز ونحوه بعد فأتمهن، ويقدر اجتهد ونحوه قبله، والابتلاء افتعال من البلاء فهو التكليف بالأمر الشاق، ولما كان يلزم من التكليف به، فى الجملة ظهور ما يقبل، أو يرد ممن يكلف به يسمى اختباراً، وفسر به تسمية مجازية بالنسبة إلى من علم حاله بدون ذلك التكليف، كما أن الله عالم حال إبراهيم وغيره قبل وقوعها، وكما يعلم الإنسان حالة الشئ فيعامله معاملة المختبر ليظهر لغيره ما ظهر له، وتسمية حقيقة بالنسبة إلى من لم يعلم حاله، فليس الابتلاء والاختبار مترادفين، كما ظن بعضهم، بل التكليف أعم منه، لأنه يكون اختباراً وغيره، كما إذا كلفت عبدك بخدمة شئ بدون أن تقصد بتكليفه معرفة حاله، والتكليف يعم الأمر والنهى وفى كل من الاختبار بالموحدة والتكليف التمكين من اختبار الأمة الذى أراد المكلِّف بكسر اللام والذى أراد المكلَّف بفتحها وعلى حسب ذلك يجازى باختيار الله عبده تمكينه من اختبار أحد الأمرين، ما يريد ا لله وما يشتهيه العبد، كأنه يمتحنه ما يكون منه فيجازيه عليه، وما ذلك إلا ليظهر سابق علمه تعالى فيه، وقد روى عن على فى قوله تعالىولَنبلُونكُم حتَّى نَعْلم المجاهدين منْكم والصَّابِرين ونَبلو أخْبارَكم } أن الله، عز وعلا، لم يزل عالماً بأخباركم وخبرهم، وما هم عليه، وأن المعنى حتى نسوقكم إلى سابق علمى فيكم، وقيل أصل الابتلاء الاختبار، سمى به التكليف لأنه شاق على البدن، والظاهر ما ذكرته أولا لكونه من مادة البلا، وإبراهيم اسم عجمى قبل معناه أب رحيم، فإما أن يتأصل هذا المعنى فى تلك اللغة، وإما أن يريد أصحابها أن ينطقوا باللغة العربية فى ذلك المعنى، ويقول أب رحيم فلم تطاوعهم ألسنتهم، فقالوا إبراهيم وهو اسم سماه به أبواه تفاؤلا أن يكبر ويلد ويرحم أولاده، وهو إبراهيم بن تاريخ بن تاجور ابن شاغور بن أرغوين فالغ بن غانر بن شالح بن قنيان بن أرفخشد بن سام ابن نوح، وكان اسم أبى إبراهيم الذى سماه به أبوه نارخ، فلما صار مع النمرود جعله على خزانة آلهته، وسماه آزر، وقال مجاهد إن آزر ليس باسم أبيه، وإنما هو لقب. قال ابن اسحاق لقب عيب ومعناه معوج، وقيل هو بالقبطية الشيخ الهرم، وذكر بعض أنه ولد إبراهيم، وقد مضى من عمر أبيه سبع وعشرون سنة، وقيل ولد بالسوس من أرض الأهواز، وقيل ببابل بأرض سواد الكوفة يقال لها كوتا، وقيل بالوازى بناحية الدوا حدود عشكر، ونقله أبوه للموضع الذى فيه النمرود من ناحية كوتا، وقيل كان مولده بحران نقله أبوه إلى أرض بابل، وقال الأكثرون.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8