الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا ٱللَّهُ أَوْ تَأْتِينَآ آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ }

{ وقال } للنبى صلى الله عليه وسلم. { الذينَ لا يعْلَمُونَ } هم مشركو العرب فى عهد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عند ابن عباس رضى الله عنهما والربيع والسيد، وفى رواية عنه رضى الله عنه هم من كان على عهد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من اليهود، لأن رافع بن خزيمة قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أسمعنا كلام الله. وقال مجاهد هم النصارى، قلت هم مشركو العرب وجاهلو اليهود ومتجاهلوهم، وجاهلو النصارى ومتجاهلوهم، وقد طلب عبدالله بن أمية وغيره من العرب من النبى، صلى الله عليه وسلم، أن يسمعوا من الله الكلام، تعالى الله عن كل شبيه ونقص، ومرادى بالمتجاهل من يجعل نفسه فى صورة الجاهل ومن يفعل فعل الجاهل. { لوْلا يُكَلّمْنا الله } هل يكلمنا الله عياناً بأنك يا محمد رسول من الله، ولولا هذه للتخصيص. { أوْ تَأتينَا آيةٌ } من الآيات التى نطلبها منك، كتوسيع الجبال عن مكة، وإحياء قصى فيخبرنا بأنك رسول من الله ونحو ذلك، وهذا منهم إهانة بآياته، صلى الله عليه وسلم، ومعجزاته وعدم الاعتداد بهن، فإنهن لسن ناطقات برسالته حتى طلبوا غيرها، وذلك عناد ومكابرة، كما أن قولهم لولا يكلمنا الله استكبار ترفعوا عن أن يكون محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم فتعللوا بطلب أن يكلمهم الله برسالته، ويجوز أن يكون مرادهم لولا يكلمنا الله كما يكلم الملائكة، وكما كلم موسى، ولولا كلمنا الله كذلك لكنا مؤمنين بك. { كذلك قَالَ الذينَ مِنْ قَبْلِهم } لأنبيائهم. { مثْلَ قولهم } من التعنت بطلب ما تسولهم به أنفسهم من الآيات، وإلقاء ما جاءت به رسلهم من الآيات، وهم كفار الأمم، قبل اليهود والنصارى ومشركى العرب المعاصرين له، صلى الله عليه وسلم، وهم أسلاف اليهود والنصارى، ومن قال الذين لا يعلمون هم اليهود، فالذين من قبلهم هم أسلافهم وأسلاف النصارى، ومن تقدمهم من أمم الكفر، كقوم إبراهيم وقوم لوط وقوم صالح. ومن قال الذين لا يعلمون هم النصارى، فالذين من قبلهم أسلافهم وأسلاف اليهود ومن تقدم من أمم الكفر. ومن قال الذين لا يعلمون هم العرب، قال الذين من قبلهم هم اليهود والنصارى ومن تقدم من أمم الكفر، ومن كلام اليهود أرنا الله جهرة، ومن كلام النصارى هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء؟ ومن كلام العرب قولهم لصالح عليه السلام أخرج لنا من هذه الصخرة ناقة عشراء. { تَشَابَهَت قُلُوبهم } أى قلوب هؤلاء الذين لا يعلمون، القائلين لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية، وقلوب الذين من قبلهم القائلين مثل قولهم، ووجه الشبه العمى والفساد فى القلب، فتولد منه القول الباطل، أو وجه الشبه هو طلب ما لا يجوز لهم طلبه والكفر، وقوله { تَشَابَهت قُلُوبهم } هو مثل قوله { أتواصَوْا بهِ } وقوله { كذَلكَ قَالَ الذين مِنْ قَبلِهِم مِثلَ قَوْلهم } تسلية للنبى صلى الله عليه وسلم بالإخبار بأنه قد قيل للرسل قبله مثل ما قيل له، ليصبر كما صبروا، وقرئ تشابهت بتشديد الشين أصله تتشابهت أبدلت التاء شينا أدغمت فى الشين.

السابقالتالي
2