الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّنَذَرُ ٱلظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً }

{ ثُمَّ نُنَجِّى } وقرأ الكسائى بالتخفيف وإسكان النون. وقيل هذه أيضا قراءة يعقوب. قيل وقرئ ننجى بالبناء للمفعول ولا وجه للمفعول ليلة بنون واحدة فيكون ماضيا مكسور الجيم مفتوح الياء للاستقبال. وقرأ ابن مسعود وابن عباس والجحدرى وابن أبى ليلى بفتح الثاء على الظرفية. { الَّذِينَ اتَّقُوْا } الشرك والكفر منها { وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا } فى النار أو حولها. { جِثِيّاً } فيمضى المسلمون منها أو من حولها ويبقى الكافرون فيها أو يبقون حولها ثم يطرحون فيها. قال ابن عبد البر - من علماء الأندلس وزهادها فى التمهيد - بعد أن ذكر رواية الورود بمعنى الدخول وعن كعب الأحبار أنه تلا { وإن منكم إلا واردها } فقال أتدرون ما ورودها؟ إنه يجاء بجهنم فتمسك للناس كأنها متن إهالة يعنى الوَدَك الذى يجمع على القِدر من المرقة، حتى إذا استقرت عليها أقدام الخلائق بَرِّهم وفاجرهم نادى مناد أن خذى أصحابك وذرى أصحابى، فتخسف بكل ولى لها، فهى أعلم بهم من الوالدة بولدها، وينجو المؤمنين، نَدِّيةً ثيابهم. انتهى. والمراد بالظالمين ظالموا أنفسهم بالشرك، أو بالكبيرة غير الشرك. فأصحاب الكبائر ممن يخلد فيها. وقومنا يقولون إن الظالمين المشركون، أو هم وأصحاب الكبائر. فتركهم فيها إدخالهم وتعذيبهم، ثم يخرج أصحاب الكبائر بعد. واحتج بعض القوم على أن الظالمين المشركون، وأن الذين اتقوا من اتقى الشرك ولو مات على الكبيرة بأن من آمن بالله ورسوله صح أن يقال إنه متق عن الشرك. ومن صدق عليه المركّب صدق عليه المفرد، ومن صدق عليه أنه متق عن الشرك صح أنه متق. ومن صدق عليه ذلك وجب أن يخرج من النار لعموم { ثم ننجى الذين اتقوا }. قلت هذا بمعزل عن التحقيق فإنه ليس من صدق عليه المركب صدق عليه المفرد. ألا ترى أن المداد مركب من زاج وعفص وعلك ولا يقال إن المداد زاج وحده، أو عفص، أو علك، وزيد قائم يصدق عليه أنهُ كلام ولا يصدق عليه بأنه كلمة إلا مجازا، على ما فيه من البحث فى محله. ويلزم على قول ذلك القائل أن من صلى صدق عليه أنه صلى الصلوات كلها ولو كان صلى بعضا فقط لعموم صلى. ورووا عن أبى هريرة أن الناس قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال هل تُمارون فى القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب؟ قالوا لا. قال هل تمارون فى الشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا لا. قال فإنكم ترونه. يحشر الناس يوم القيامة فيقال من كان يعبد شيئا فليتبع. فتابع الشمس، وتابع القمر، وتابع طالوت، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها، فيأتيهم الله فيقول أنا ربكم. فيقولون هذا مكاننا حتى يأتينا.

السابقالتالي
2