الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَٱعْبُدْهُ وَٱصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً }

{ رَبُّ السَّمَٰوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا } رب بدل من رب أو خبر لمحذوف أى هو ربى فإن عرفته يا محمد على هذه الصفة { فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ } فدم على عبادته واكتسب الصبر الشديد عليها، فإنه لا ينسى عبادتك ويثيبك عليها ولا تتشوش بإبطاء الوحى وهزء الكفرة وإلقائهم إليك الأغاليط. وإنما عدى الاصطبار باللام لا بعلى لتضُّمنه معنى الثبات وتنزيل العبادة منزلة القِرن المحارب فى إيراده الشدائد والمشاق كما تقول اصطبر لقِرنك أى اثبت. واصطبر افتعل من الصبر والطاء من تاء. { هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً } أى مِثلا ونظيرا فى استحقاق العبادة وكونه رب السماوات والأرض وغير ذلك من صفات الكمال المتفرد بها حتى يسمى باسمه الذى هو الله. والمشركون ولو سموا أَصنامهم إلها لكن لم يسموها بالله الذى عوض فيه أل عن الهمزة، لم يوفقوا للتسمية به. وقيل نظير فى العبادة والرزق والخلق والإحياء والإماتة ونحو ذلك. وفى رواية عن ابن عباس لا تَسَمَّى أحد الرحمن دونه. ويحتمل أن المعنى لا مسمَّى باسم إله أو بالرحمن ولا باسم الله فإن تسمية غيره بالإله أو بالرحمن ولو وجدت لكنها بباطل فهى غير معتد بها لأنه ليس غيره أهلا للعبادة فلا بد من التسليم لأمره والاشتغال بعبادته والاصطبار على مشاقها قال الشاعر
أخْلِقْ بذى الصبر أن يحظى بحاجته ومُدْمِن القرعِ للأبواب أن يلجا   
وقال
إنى رأيت وفى الأيام تجربة للصبر عاقبة محمودة الأثر وقَنَّ مَن جَدَّ فى شئ يطالبه واستصحب الصبر إلا فاز بالظفَر