الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلاَّ سَلاَماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً }

{ لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا } أى فى الجنة { لَغْواً } أى كذبا، أو باطلا، أو معصية. أقوال ليست فى معنى واحد، كما قيل فإن الكذب بعض المعاصى، والباطل ما لا نفع فيه معصية أو غير معصية. وقيل اللغو الحلف. كانوا فى الدنيا إذا شربوا الخمر حلفوا. والصحيح أنه ما لا نفع فيه. وفيه تنبيه ظاهر على وجوب تجنب اللغو واتقائه، حيث نزه الله عنه الدار التى لا تكليف فيها. أعاذنا الله منه ومن الجهل. { إلاّ سَلاَماً } استثناء متصل تأكيداً للمدح بما يشبه الذم أى إن كان السلام من اللغو فلا يسمعون فيها من اللغو سواه كقول الشاعر
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فُلولٌ مِن قِراع الكتائب   
أو المعنى أن السلام فيها لغو لأنه الدعاء بالسلامة وأهلها سالمون لولا أن فائدته الإكرام. أو الاستثناء منقطع لكن يسمعون قولا يسلمون فيه من العيب والنقيصة، أو لكن يسمعون تسليم الملائكة عليهم، وتسليم بعضهم على بعض. وقيل تسليمَ الله عليهم. { وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً } أى على قدر البُكرة العَشِىّ فى الدنيا لأنه لا ليل ولا نهار فى الجنة فضلا عن وجود بكرة وعشية، بل هى أبداً نور وضياء لكن ذلك على قدر التنعم والتوسط بين الزهد والرغبة. والمتنعم عند العرب من وجد غداء وعشاء فإن من الناس من يأكل الوجبة فى الدنيا، وهى الأكلة فى اليوم، والأخرى فى الليل. وقيل الأكل من ساعة إلى مثلها غداً. ومنهم من يأكل متى وجد، وهى عادة المنهومين، ومنهم من يتغدى ويتعشى، وهى العادة المحمودة المتوسطة. وقيل إنهم يعرفون وقت النهار برفع الحجب، ووقتَ الليل بإرخائها. ويحتمل أن المراد كثرة الرزق ورفاهته ودوامه كما تقول أنا عبد فلان صباحاً ومساء، تريد الدوام على العبودية لا خصوص الوقتين.