الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يٰإِبْرَاهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ وَٱهْجُرْنِي مَلِيّاً }

{ قَالَ } أبوه { أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِى يَا إبْرَاهِيمُ } أتارك أنت عبادتها فتعيبها. والاستفهام توبيخ وإنكار وتعجيب، يعنى أن آلهتى ما ينبغى أن ترغب عنها. وفى ذلك تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم عما كان يلقى من مثل ذلك من كفار قومه. وشتان ما بين إبراهيم وأبيه فإن إبراهيم عليه السلام على الحق، وقد تعطف وتلطف لأبيه ما تلوته عليك. وأما أبوه فقابله بالفظاظة وغلظة العناد، فناداه باسمه ولم يقل يا ابنى أو يا بنىّ، وأخره، وقدم الرغبة اعتناء بعظم أمرها عنده. وراغب خبر، وأنت مبتدأ، وعن آلهتى متعلق برغبت محذوفا لا براغب، لئلا يلزم الفصل بأَجنبى بين العامل والمعمول. والأجنبى هو أنت. قاله ابن هشام بمعناه. والظاهر عندى جواز هذا الفصل، فيجوز تعليقه براغب. ويجوز كون راغب مبتدأ وأنت فاعل أَغنى عن الخبر. وعن متعلق براغب. واعتُرض بأن هذا الوصف كالفعل والضمير المرتفع بالفعل لا ينفصل بغير موجب. وأجاب ابن هشام بأنه لو لم ينفصل لاستتر فيُجهل المعنى، بخلاف الفعل فإنه يبرز معه متصلا، ولأن طلب الوصف لمعموله دون طلب الفعل لمعموله، فاحتمل معه الفصل وبأن مرفوع الوصف سد مسد واجب الفصل وهو الخبر. { لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ } عن سب آلهتنا والرغبة عنها. { لأَرْجُمَنَّكَ } قال الحسن بالحجارة. وعن فرقة لأقتلنك. والقولان قيل بمعنى. وعن ابن عباس لأضربنك. فلعله أراد الضرب بالحجارة. وعن الضحاك لأرجمنك بالقول القبيح. فالمراد الشتم. والظاهر عندى أن مراد الحسن الطرد بالحجارة، ومراد الفرقة إثباته ورجمه حتى يموت كما نفعل نحن بالزانى المحصَن. وقيل المعنى لأبعدنك عنى. { وَاهْجُرْنِى } العطف على محذوف دل عليه الرجم، أى فاحذرنى واهجرنى أى تباعد عنى قبل أن أقتلك، أو أن أثقلك بالضرب حتى لا تستطيع النهوض. عن ابن عباس اعتزلنى سالما لا تصيبك منى معرة. قال الثعالبى إذا قلنا المعنى لأقتلنك فالمراد اهجرنى مع الانتهاء. { مَلِيّاً } دهراً طويلا من الملاوة بضم الميم وفتحها وكسرها، وهى الحين. ومنه اللوان الليل والنهار، أو هجرا مليا، أى طويلا. وقيل اهجرنى مليّاً بالذهاب عنى. وقيل اهجرنى سالماً. ويجوز تقدير القول أى وقال اهجرنى. ويجوز العطف على القول قبله. فافهم.