الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَكُلِي وَٱشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ ٱلبَشَرِ أَحَداً فَقُولِيۤ إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَـٰنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ ٱلْيَوْمَ إِنسِيّاً }

{ فَكُلِى } من الرطب { وَاشْرَبِى } من النهر. { وَقَرِّى عَيْناً } طيبى نفساً وارفضى الحزن. وقيل قرى عينا بولدك وعيناً تمييز محول عن الفاعل أى لتبرد عينُك. وذلك أن دمعة الحزن حارة وقرئ قرى بكسر القاف وهو لغة نجد. ويجوز أن يكون المراد اشربى من عصير الرطب وأن يكون قرى من القرار بمعنى السكون فإن العين إذا رأت ما يسر النفس سكنت إليه ولم تنظر لغيره وإثمار النخلة فى الشتاء أيضا معجزة. وقال الثعلبى إن ابن عمها يوسف بن يعقوب المذكور كان نجارا يتصدق من عمل يديه وإن اليوم الذى لقيها فيه جبريل أطول يوم فى السنة وآخره نفد ماؤها فقالت يا يوسف ألا تذهب بنا نسقى؟ فقال إن عندى لفضلا من ماء أكتفى به يومى فمضت لتسقى فلقيها جبريل فاستعاذت منه وهو فى صورة شاب فقال أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا. قالت أنى يكون لى غلام - إلى - مقضيا. فاستسلمت لأمر ربها فنفخ فى جيبها ثم ملأت قُلّها وانصرفت. وقيل وضعت درعها لتسقى وقال لها وقالت له ونفخ فى جيب الدرع ثم لبسته. وإن وَهْباً قال المسجد الذى تخدمه ويوسف عند جبل صهيون وهو من أعظم مساجدهم يومئذ ولخدمته فضل عظيم وإنه لما دنا نفاسها أوحى الله إليها أن المسجد بيت من بيوت الله طُهِّر ورُفع ليذكر فيه اسمُه فابررى لموضع تلدين فيه فتحولت إلى بيت خالتها أم يحيى لما دخلت عليها قامت أم يحيى فالتزمتها فقالت امرأة زكريا أشعرتِ أنى حبلى؟ قالت مريم وأنت شعرتِ أبى حبلى؟ فقالت امرأة زكريا إنى أجد ما فى بطنى يسجد لما فى بطنك. قيل فذلك قولهمصدقا بكلمة من الله } ثم أوحى الله إليها إن ولدتِ بين قومك عيَّروك وقذفوك وولدَك. وقال الكلبى قيل لابن عمها إنها حملت من الزنى وسيقتلها الملك فهرب بها على حمار ليس بين ظهره وبينها شئ فانطلق بها حتى بلغ أرض مصر فى منقطع بلاد قومها وأدركها المخاض فى ذلك المكان إلى الجذع. وإن ابن عباس قال حملت به ووضعته فى ساعة لقوله سبحانه وتعالى { فحملته فانتبذت به مكاناً قصيا }. وإن مقاتلا قال حملت فى ساعة ووضعت فى ساعة حين زالت الشمس من يومها وهى بنت عشرين سنة وقد حاضت حيضة واحدة قبل. ولما اشتد بها الطلق التجأت إلى نخلة يابسة لا سعف ولا كرانيف ولا عروق لها فأحدقت الملائكة بها صفوفا والنخلة فى موضع يقال له بيت لحم وإن النهر الذى أنبعه الله عذب بارد إذا أرادت الشرب وفاتر إذا أرادت استعمال مائة واستدل بالآية الربيع بن خيثم على أنه ما للنفساء خير من الرطب وميمون على أنه ما لها مثله إذا عسرت.

السابقالتالي
2 3