الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ هَـٰذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّآءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً }

{ قَالَ هذَا } أى السد أو الإقدار على تسويته. { رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّى } نعمة منه تبارك وتعالى على عباده لأنه حاجز لهم عن عباده الآخرين. { فَإذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّى } أى ميقاته الذى وقّته لخروجهم وهو قريب من قيام الساعة جداً. وقيل وعده قيامها والمراد بمجيئه على هذا قرب قيامها جداً لأنهم يخرجون قبل قيامها. { جَعَلَهُ دَكَّاءَ } مصدر بمعنى مفعول مدكوكا أى مبسوطا على الأرض ولك ما انبسط على الأرض بعد ارتفاع فقد اندك. وقرأ الكوفيون دكاء بالمد والهمزة من غير تنوين فهو وصف أى أرضا مستوية. وعلى القراءتين فالظاهر أن السد كله يجعل يومئذ دكا لعلهم يفتحون كله أو يفتحون بعضه ويزيد الله الباقى أو المراد يجعله دكا جعل موضع فتحهم دكاء بأن يبقيه كما فتحوه ويزيدوا بقيته من غد يومهم. { وَكَانَ وَعْدُ رَبِّى } أى الوعد المذكور لأنه تكرار معرفة أو وعده مطلقا. { حقا } ثابتا يقع لا محالة وهذا من كلام ذى القرنين ويجوز من كلام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وقد خوطب بقوله تعالى { قل سأَتلوا } قال أبو هريرة " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وعقد بيده عقدة التسعين " ومعنى عقدة التسعين أن يجعل طرف السبابة فى وسط الإبهام من باطنها فتدوران كالحلقة. وروى قتادة عن أَبى رافع عن أبى هريرة مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم " أن يأجوج ومأجوج يحفرونه كل يوم حتى يكاد يرون شعاع الشمس فيقول الذى عليهم ارجعوا فستخرقونه غداً فيجدونه غداً قد أعاده الله كما كان حتى إذا بلغت مدتهم قال ارجعوا فستخرقونه غداً إن شاء الله فيعودون إليه من الغد فيجدونه كما تركوه فيخرقونه فيخرجون إلى الناس فيتبعون المياه فيتحصن الناس منهم فى حصونهم فيرمون بسهامهم إلى السماء فترجع وفيها دم تقطر به فيقولون قهرنا أهل الأرض وغلبنا أهل السماء فيزدادون قسوة ". وخرَّج الترمذى أنهم إذا وصلوا جبل بيت المقدس قالوا لقد قتلنا من فى الأرض فهلم نقتل من فى السماء فيرمون بنشابهم إلى جهة السماء فترجع محمرة دما فيبعث الله عز وجل عليهم نغَفا فى رقابهم فيموتون. قال فوالذى نفسى بيده إن دواب الأرض لتسمن وتَشْكَر من لحومهم شكراً. أَخرجه الترمذى. والنغف دود يكون فى أنوف الإبل والغنم وهو من أضعف خلق الله عز وجل يقهرهم به. وقيل يرسل عليهم طيرا كالنبق أو كأذيال الخيل. وشكرت الشاةُ امتلأ ضرعها لبناً. والمراد أن دواب الأرض تسمن ويكثر لحمها. روى أنهم يشربون ماء المشرق وبحيرة طبرية ودجلة والفرات فيمر آخرهم فيقول لقد كان فى هذه الأماكن ماء ويحضر نبى الله عيسى وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرا من مائة دينار لأحدكم اليوم فيرغبون إلى الله تعالى فيرسل على يأجوج ومأجوج النغف فى رقابهم فيصبحون فَرْسَى كموت نفس واحدة ثم يهبط نبى الله عيسى وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم فيرغبون إلى الله عز وجل فيرسل طيراً كأعناق البُخْت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله.

السابقالتالي
2 3