الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ آتُونِي زُبَرَ ٱلْحَدِيدِ حَتَّىٰ إِذَا سَاوَىٰ بَيْنَ ٱلصَّدَفَيْنِ قَالَ ٱنفُخُواْ حَتَّىٰ إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِيۤ أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً }

{ آتُونِى زُبَرَا الحَدِيدِ } جعلوها آتية إلىّ بأن تأتونى بها كأنه قال أعطونى زبر الحديد أى قطعه الكبار والقطعة زُبره بضم الزاء وإسكان الباء. وإن قلت أليست زبر الحديد وللقِطر مالا؟ قلت بلى ولكنه مال مردود فى منافعهم ومنافع العباد لا مال يأخذه ذو القرنين ويرجع به متملل له والمال الذى جعلوا له إما يريدون أن يأخذه ويذهب به أو يترتب عليهم أبدا فى ذمتهم لكل سنة مثلا كذا وكذا والإعانة بآلة ليست خراجا بل إعانة بالقوة ومناولة. وقد قرأ أبو بكر { ردماً ائتونى زبر الحديد } أمر من الإتيان أى بزبر الحديد فيكسر تنوين ردما الساكن ونصب على نزع الخافض على هذه القراءة. ويحتمل أن يريد بالقوة القوة التى أطلبها منكم ولو نوع مال لكن ليس خراجا لى. ويحتمل أن يأتوه بالزبر والقِطر فيشتريه وجملة آتونى بدل من أعينونى أو متسأنفة جوابا لسؤال كأنهم قالوا ما تلك القوة؟ قال عمال وصناع وآلة. فقالوا وما تلك الآلة؟ فقال أتونى زبر الحديد والحطب فآتوه إياها. { حتَّى إذَا سَاوَى بَيْن الصَّدَفَيْنِ } أى الجانبين أى جانبى الجبلين والمراد أنه ساوى بينهما ببناء الزبر والحطب أى جعل ما بينهما مساويا بهما فى العلو وذلك من الصدف وهو الميل لأنه كلا من الجانبين منعدل عن الآخر ومنه التصادف للتقابل والجانبان أيضاً متقابلان. وقرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو ويعقوب بضم الصاد والدال. وقرأ أبو بكر بضم الصاد وإسكان الدال. وقرئ بفتح الصاد وضم الدال وذلك لُغات بمعنى. وقرئ سَوَّى بفتح السين وتشديد الواو وإسقاط الألف قبلها. وقرئ سُووِىَ بضم السين ممدودة بواو ساكنة وبعد الواو واو مكسورة بعدها ياء مفتوحة وعليها فالغائب مستتر أى سُووِىَ الخلل بينهما. وقيل بجواز حذف الموصول مع بقاء صلته ولو لم يذكر مثله، وجواز حذف النائب أى سووى ما بين الصدفين ويجوز كون بين بمعنى الفصل أَى ساوى فصلهما أى وصله. قال بعضهم بُعد ما بين الصدفين فرسخ وذكر الكوفى أنه مائة فرسخ حفره حتى بلغ الماء وجعل الأساس من الصخر والنحاس المذاب جعله كالعجين للصخر والبناء من زبر الحديد بينهما الحطب والفحم حتى سد ما بين الجبلين إلى أعلاهما بتركيب الحطب والفحم على الحديد والحديد عليهما وعَرْض ذلك التركيب خمسون ذراعاً وطوله إلى جهة السماء مائة ذراع وأمرهم بالفتح كما قال الله عز وعلا { قَالَ انْفُخُوا } فى النار بالمنفاخ فنفخوا. { حَتَّى إذَا جَعَلَهُ } بنفخهم أى جعل بين الصدفين وهذا دليل على تصريف بين حيث رجع إليها ضميراً منصوباً على أن مفعول به إلا أن يقال إن بين هنا بمعنى الفصل أو يرد الضمير إلى الخلل المقدر أو الموصول المقدر على ضعف أو إلى الحديد فإن زبر الحديد حديد.

السابقالتالي
2 3 4