الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْماً لاَّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً } * { قَالُواْ يٰذَا ٱلْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَىٰ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً }

{ حَتَّى إذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ } بين الجبلين اللذين خلقناهما سدا ليأجوج ومأجوج والشبيهين بالسد الذى يبنى حاجزاً للشئ أو اللذين تجد يا محمد اليوم سدة بناها ذو القرنين بينهما لو رأيتهما. وعلى كل حال هما جبلان فى آخر الشمال فى منقطع أرض الترك منيعان من ورائهما يأجوج ومأجوج وقد افتخر ملك تلك الجهة المتصلة بهما على ملك قسطنطينية بأن ملكه وصل سد يأجوج ومأجوج حين قاتل الترك الموحّدون المالكون للقسطنطينية هؤلاء الترك المشركين المدعين أن ملكهم اتصل بالسدين واستعان الترك الموحدون بعساكر العرب وغيرهم وبروم المغرب من الفرنسيس وغيرهم وذلك فى حين بلوغى فى تفسيرى هذا سورة الأعراف وتسمى هؤلاء الترك الكفرة بالمسك وهو بلغتهم الذباب لكثرتهم. وذكر بعضهم أن الجبل الذى فيه السد يلى الروم من جانبه الغربى وأن طوله سبع مائة فرسخ وينتهى إلى بحر الظلمات. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحفص بين السدين بفتح السين والمعنى واحد وهما لغتان. وقيل السد بالضم لما خلقه الله وبالفتح لما عمله الناس لأنه فى الأصل مصدر سمى به حدث يحدثه الناس. وقيل بالعكس. وقيل فى المضموم إنه بمعنى مفعول أى مما فعله الله. وقيل السدان جبلا أرمنية وأذربيجان والصحيح الأول وبين فى الآية مفعول به لبلغ. ووقع فاعلا لتقطَّع فى قراءة بعضلقد تقطع بينكم } برفع بين ووقع مضافاً إليه فى قوله { فراق بينى وبينك } وهو من الظروف المتصرفة لذلك يقال ولا دليل فى ذلك لجواز أن يكون بمعنى الوصل فىلقد تقطع بينكم } وفى { فراق بينى وبينك } وفى الآية أيضاً على حذف المضاف أى بلغ موضع وصل السدين أى حيث وصل بينهما أو بمعنى الفصل كذلك أى موضع الفصل بينهما قبل أن يوصل سدا بآخر. ويحكى أن الواثق بالله بعث بعض من يثق به من أتباعه ليعاينوا السدين فخرجوا حتى وصلوا إليه وشاهدوه فوصفوا أنه بناء من لَبِن حديد مسدود بالنحاس المذاب وعليه باب مقفل. والذى حفظت قديماً أن سلاما الترجمان كان عارفاً بألسنة كثيرة حتى قيل إنه يعرف أربعين لغة ويجارى فيها ويقول إنهُ رأى هذا السد عياناً بعثه الواثق من خلفاء بنى العباس ليتحققه. فرجع إليه بعد سنتين وأربعة أشهر فأخبر أنه سار ومن معه حتى وصلوا إلى صاحب السرير بكتاب الواثق فأكرمهم وأنفذ معهم أدلاّء. فمضوا حتى دخلوا فى تخوم سحرة وساروا إلى أرض ممتدة طويلة كريهة الرائحة فقطعوها فى عشرة أيام وكان معه شئ يشمونه لأن رائحتها تأخذ على القلب وخرجوا منها إلى أرض خراب لا حسيس بها ولا أنيس مسيرة شهر. وخرجوا إلى حصون بالقرب من جبل السد أهلها يتكلمون بالعربية والفارسية وهناك مدينة عظيمة اسم ملكها خابان أنكس.

السابقالتالي
2 3 4 5