الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ هَـٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْراً } * { أَمَّا ٱلسَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي ٱلْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَآءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً }

{ قَالَ } الخضر لموسى { هذَا } أى هذا الوقت { فِرَاقُ } أى وقت فراق وهذا الاعتراض الثالث سبب فراق أو موجب فراق أو هذا الفراق الذى تضمنه قولك { إن سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبنى } وهو فراق. { بَيْنِي وَبَيْنِكَ } وإضافة الفراق لبين من إضافة المصدر إلى الظرف على الاتساع. وقد قرأ ابن أبى عبلة بتنوين فراق وفتح بينك فيكون بينى وبينك منصوبين على الظرفية. ويجوز أن يكون بينى وبينك بمعنى وصلى ووصالك فإضافة فراق إضافة مصدر لمصدر أى فراق بينى وبينك وبينك بينى أى وصلى وصالك ووصالك وصلى فهى إضافة مصدر لفاعله أو مفعوله لأن كلا من المتفارقين مفارق للآخر أو مفارقتك بينى ومفارقتى بينك أى مفارقتك وصلى ومفارقتى وصلك فهى إضافة مصدر لمفعوله وقراءة ابن أبى عبلة تدل على الظرفية لأنه لما نون نصب إلا أن يقال يحتمل النصب فيها المفعولية للمصدر المنون. { سَأُنَبِّئُكَ } سأخبرك { بِتَأْوِيلِ } بتفسير وهو تفسير الشئ على خلاف ظاهره. { مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً } لأنه بحسب علمك الظاهرى منكر. روى أن موسى أخذ بثوب الخضر وقال أخبرنى بمعنى ما عملت قبل أن تفارقنى فقال الخضر { أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ } أى صارت لهم من أبيهم بالإرث أو ثبتت لهم منه إلى الآن والكون هو الكون الذى له خبر أو الذى لا خبر له وعلى كل فقد استعمل لفظ كانت الموضوع للمضى فى الحال بقطع النظر عن كونها لهم فى المضى أيضاً. ولك أن تقول مستعملة فى المضى ويفهم منه الاستمرار لأنك إذا أثبت شيئاً لأحد مِلكا فالأصل بقاؤه على ملكه حتى يدل ذلك وفى الآية دليل على أن المسكين يجوز إطلاقه على من له شئ لا يكفيه أو يكفيه على تضييق وإقتار. وقال عكرمة قلت لابن عباس رأيت قوله تعالى { أما السفينة فكانت لمساكين } والسفينة تساوى ألف دينار فقال إن المسافر مسكين ولو كان معه ألف دينار ولهذا قيل إن المسافر ومتاعه على قلة إلا ما وَقَى الله. وقيل سموا مساكين لعجزهم عن دفع الملك ولزمانة خمسة منهم. وقيل لكل علة وهم عشرة. { يَعْمَلُونَ فِى الْبَحْرِ } بين فارس والروم. قال كعب وغيره كانت السفينة لعشرة إخوة زَمْنَى لم تكن لهم معيشة غيرها ورثوها عن أبيهم خمسة يعملون فى البحر مجذوم وأعور وأعرج وآدر وهو من انتفخت بيضتاه ومحموم لا تنقطع عنه الحمى أبداً وهو أصغرهم، وخمسة لا يعملون أعمى وأصم وأخرس ومقعد ومجنون وعلى هذا فالحكم على الكل بالعمل حكم على المجموع لا على الجميع فإن خمسة لا يعملون وناسب الحكم عليهم لاجتماعهم فى المسكينية والأب والأم أو فى الأب ولرضى الباقين بالعمل وأمرهم به.

السابقالتالي
2 3