الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَآ أَتَيَآ أَهْلَ قَرْيَةٍ ٱسْتَطْعَمَآ أَهْلَهَا فَأَبَوْاْ أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً }

{ فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيةٍ } قيل أنطاكية وهو قول ابن عباس. وقال ابن سيرين. أبلة بصرة بضم الهمزة والموحدة وتشديد اللام وهى أبعد الأرض من السماء. وقيل قرية من قرى الروم ويقال لها ناصرة وإليها تنسب النصارى. وقيل بجوار أرمينية. وقيل قرية فى الأندلس. { اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا } طلبا منهم الطعام ضيافة. ومقتضى الظاهر أن يقال استطعماهم برد الضمير إلى أهل القرية فوضع الظاهر موضع المضمر إن قلنا إن الجملة جواب إذا وإن قلنا فى الجواب هو قال من قوله قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا وأن هذه الجملة نعت قرية لم يكن من وضع الظاهر موضع المضمر. قال ابن هشام ومن النوع الأول وهو وقوع الجملة صفة للنكرة بدون أن تصلح حالا لوقوعها بعد النكرة المحضة حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها وإنما أعيد ذكر الأهل لأنه لو قيل استطعماهم مع أن المراد وصف القرية لأن الحديث مسوق فيها ألا ترى فوجدا فيها جداراً لزم خلو الصفة من ضمير الموصوف ولو قيل استعطماها كان مجازاً لأن القرية لا تستطعم حقيقة ولهذا كان هذا الوجه أولى من أن تقدر الجملة جوابا لإذا لأن تكرار الظاهر يعرى حينئذ عن هذا المعنى وأيضا فلأن الجواب فى قصة الغلام هو قوله قال لا قوله فقتله لأن الماضى المقرون بالفاء لا يكون جوابا فليكن قال أيضا فى هذه جوابا لأنهما سيقتا مساقا واحدا انتهى بإيضاح وسبقه إلى ذلك ابن الحاجب. فتحصَّل أن علة تكرار الأهل كون الجملة نعتا والجواب هو قال كما كان قال هو الجواب فى نظير فلو أضمر للأهل فقيل استطعماهم لم يوجد رابط إذ لا يضاف ضمير لضمير ولو كان جائزا لجاز أن يضمر للأهل ويضاف ضميرهم لضمير القرية. وقد يقال يصح أن يقال استطعماهم ويحصل الرابط لأن قولك هم يعود إلى الأهل بقيد كونهم أهل القرية كما حصل الربط بنون الإناث فى قوله تعالىوالذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربص } وهى نون يتربصن لأنها ولو عادت إلى النساء لكن لا مطلقا بل بقيد كونهن نساء الذين يتوفون إلا أن يقال بأن ذلك لا يحصل الربط بالموصوف ولو حصله بالمبتدأ وهذه الآية فى المبتدأ وآية الكهف فى الموصوف. وتحصَّل أنهُ لو قيل استطعماها لكان مجازا وهو فرع الحقيقة إنما يعدل إليه لكنه فلا يقال إن القرآن مشحون بالمجاز وإنه أبلغ من الحقيقة بإطباق البلغاء لأنه لا نكتة لذلك المجاز هنا ولأنه على كل حال خلاف للأصل ولأنه قال أولا أتيا أهل قرية فبنى الكلام على الحقيقة إذ لم يقل أتينا قرية فالتجوز بقولك استطعماها بعد من الرجوع إذاً لشئ بعد الانصراف عنه.

السابقالتالي
2 3 4