الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ فَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يٰوَيْلَتَنَا مَالِ هَـٰذَا ٱلْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِراً وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً }

{ وَوُضِعَ الْكِتَابُ } جنس الكتاب كتاب المؤمن فى يمينه وكتاب الكافر فى شماله. ويجوز كون المراد الكتاب الواحد الذى كتبت فيه أعمال الخلق كلهم. ويجوز أن يراد بوضع الكتاب وضع الحساب فكنى عنه والمخالفون لما أثبتوا ميزان العمود والكفتين أجازوا أن يكون المراد وضع الكتب فى ذلك الميزان. { فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشفِقِينَ } خائفين قلقين. { مِمَّا فِيهِ } من الذنوب. { وَيَقُولُونَ } عند معاينة ما فيه { يَا وَيْلَتَنَا } هذه ندبة كقول القائل وارأساه واظهراه. والويل الهلكة كأنهم نادوا هلكتهم التى هلكوها من بين الهلكات والويل مصدر لا فعل له من لفظه. وقيل فعله وال بمعنى هلك. { مَالِ هذَا الْكِتَابِ } ما مبتدأ استفهامية استفهام تعجب واللام جارة لاسم الإشارة محلا وتتعلق بمحذوف خبر. { لاَ يُغادِرُ } لا يترك من ذنوبنا { صَغِيرَةً } أى خصلة أَو فعلة صغيرة { وَلاَ كَبِيرَةً إِلاّ أَحْصَاهَا } إلا عدَّها وأحاط بها. روى عن ابن عباس أن الصغيرة التبسم، والكبيرة القهقهة. ولعل مراده التبسم والقهقهة عند معصية المتبسم أو قهقهته عند المعصية أو معصية غيره أو حكايته معصيته أو حكاية غيره أو عند مصيبة غيره أو فى المقبرة أو عند الأذان أو فى المسجد أو فى مجلس الذكر أو القرآن. وقيل لا يكون شئ من ذلك كبيرة إلا ضحك الإنسان عند معصيته بنفسه وعن سعيد بن جبير الصغيرة المس والقبلة، والكبيرة الزنى. وقال سهل بن سعد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إياكم ومحقَّرات الذنوب فإن محقرات الذنوب مثل قوم نزلوا واديا فجاء كل واحد بعود فأَنضجوا خبزهم وإن محقرات الذنوب لموبقات أى مهلكات ". { وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً } فى كتابهم قليله وكثيره وصغيره وكبيره أو وجدوا جزاءه حاضرا حيث كتبت صغائرهم وعوقبوا بها لأنهم لم يجتنبوا الكبائر. وكان الفضيل إذا قرأ { يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها } قال ضجوا والله من الصغائر قبل الكبائر. { وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً } أى لا يكتب على أحد لم يفعله ولا يعذبه بلا ذنب ولا يزيد فى عقابه على ما أوجبه ذنبه ولا ينقص من ثواب مؤمن.