الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً }

{ وَاصْبِرْ } احبس. { نَفْسَكَ مَع الَّذِينَ يَدْعُونَ } يعبدون { رَبَّهم } وهم صهيب وعمار وخبّاب بنا الأرت وسلمان الفارسى وسالم مولى أبى حذيفة وبلال وغيرهم من فقراء المسلمين وكانت ثيابهم متمزقة مرقعة. دخل عيينة بن حصن الفزارى على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قيل وعنده هؤلاء المؤمنون المذكورون وعلى سلمان شملة صوف قد عرق فيها وبيده خوص يشقه وينسجه. فقال عيينة أما يؤذيك ريح هؤلاء ونحن سادات مضر وأشرافها إن أسلمنا أسلم الناس وما يمنعنا من اتباعك إلا هؤلاء فنحّهم حتى نتبعك واجعل لنا مجلساً فنزل { واصبر نفسك } ألى آخره. وروى أن قوما من رؤساء الكفرة قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم. نحّ هؤلاء الموالى الذين كأن ريحهم ريح الضأن حتى نجالسك فنزل { واصبر نفسك } إلى آخره. وذلك كقول قوم نوحأنؤمن لك واتبعك الأرذلون } وعن أبى صالح قال سلمان الفارسى إنها نزلت فىَّ. دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس على بساط فجلست إلى جنبه وعلىَّ شملة قد عزقت فيها وذلك فى يوم حار فدخل عيينة بن حصن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس بينى وبينه وفى يدى خوص أصنعه فجعل يدفعنى بمرفقه حتى أبعدنى عن البساط فقال يا محمد إنَّا رؤساء مضر وإن نُسْلِم يُسْلم الناس والله ما يمنعنا من اتباعك والدخول عليك إلا هذا وضرباؤه فلو أنك أخرجتهم عنك اتبعناك فإذا دخلنا عليك فأخرج هذا وضُرباءَه فوالله إنه ليؤذينى الآن بيِّن ريحه أو ما يؤذيك ريحه فإذا خرجنا من عندك فائْذن لهم فإن لنا عليك حقا ونحن وجوه مضر وسادات قومنا ثم أنا صاحب مرباعها ورأسها فى الجاهلية إلى يومنا هذا وقد كان من قَدَمِنا وقدم آبائنا ما بلغك فإنا نكره أن نكون نحن هذا عندك سواء بمنزلة فنزل { واصبر نفسك } إلى آخره. وقيل نزلت فى أصحاب الصُّفّة وهم سبعمائة رجل فقراء فى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرجعون إلى تجر ولا زرع ولا ضرع يصلون صلاة وينتظرون أخرى ولما نزلت الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحمد لله الذى جعل فى أمتى من أمُرت أن أصبر معهم. { بالْغَدَاةِ } أى فى الصبح وقرأ ابن عامر بالغدوة. قيل غدوة فى الأكثر علَم فتكون أل فيه على تأويل التنكير. { وَالْعَشِىِّ } الواحد عشية والعشية كالكلم والكلمة. قيل المراد بدعائهم فى هذين الوقتين صلاة الفجر وصلاة العصر. وقيل المراد العبادة مطلقا الصلاة وغيرها فى الوقتين وغيرهما فعبَّر عن سائر الأوقات بذكر الوقتين المتطرفين النهار والليل. { يُرِيدُونَ } بعبادتهم. { وَجْههُ } أى ذاته هو ويقدر مضاف أى يريدون رضى ذاته وكأنه قيل يريدون رضاه وإذا رضى عنهم لم يعذبهم وأثابهم ولا يريدون بعبادتهم غير الله من عرض الدنيا أو رياء أو سمعة والجملة حال من واو يدعون.

السابقالتالي
2 3