الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَبِثُواْ فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِاْئَةٍ سِنِينَ وَٱزْدَادُواْ تِسْعاً } * { قُلِ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ لَهُ غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً } * { وَٱتْلُ مَآ أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً }

{ وَلَبِثُوا فِى كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ } بدل من ثلاث لا من مائة لأنه لو أسقط مائة لبقى ثلاث سنين فيفسد المعنى وقد يقال إنه تصح البدلية مع ذلك فإن كثيرا من الأبدال لا يصح إسقاط مبدلاتها فإن معنى قولهم البدل فى نية طرح المبدل منه أن الأبدال منهُ سيق تمهيدا للبدل لا قصدا بالذات وأن المقصود بالذات البدل هذا ما ظهر ثم رأيت الأخفش أجاز كون سنين بدلا من مائة ورد عليه ابن هشام بما ذكر من أنه لا يصح أن يقال ثلاث سنين لفساد المعنى هنا فيجاب عنه بما ذكرت وقرأ حمزة والكسائى بإضافة مائة لسنين فلا تنون لفظة مائة بخلافها على قراءة الجمهور فإنها منونة. وإن قلت الألف والمائة يضافان للواحد؟ قلت أضيف مائة هنا للجمع لأنه منزل منزلة الواحد لأن الياء والنون فيه عوض عن لام سنة وهى واو أو هاء أن الأصل فى العدد أن يضاف للجمع وقرأ أبىّ ثلثمائة سنة إفراد سنة وإضافة مائة إليها. { وَازْدَادُوا تِسْعاً } أى تسع سنين لبثا مضروبا فيه على آذانهم ثم بعثهم الله لأهل زمانهم وهذا بيان لما أجمل فى قوله وضربنا على آذانهم فى الكهف سنين عدداً. وإن قلت إذا كان هذا إخبار من الله عز وجل فما وجه قوله { قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَٰواتِ وَالأَرْضِ } أى له علم ما غاب عن الخلق من السماوات والأرض وما فيهن وأحوالهن أو عنده غيبهن فهو عالم به؟ قلت وجهه أن المتنازعين لم يقولوا إن مدة لبثهم ثلاث مائة سنين وتسع بل منهم من قال ثلثمائة، ومنهم من قال أقلّ فأجابهم الله بأنها ثلثمائة وتسع وأنه تعالى أعلم منكم بما لبثوا كما أنه اختص بعلم الغيب على الإطلاق وأن الحق ما قاله. وقد قيل إنه لما نزل ولبثوا فى كهفهم ثلثمائة سنين وازدادوا تسعا قالت نصارى نجران أما ثلاث المائة فقد عرفناها، وأما التسع فلا علم لنا بها فنزل قل الله أعلم بما لبثوا الخ فلذك غيّر الأسلوب إذ قال وازدادوا تسعا ولم يقل وتسعا وعلى الوجه قبل هذا فإنما غيَّر الأسلوب تكثيرا أو تقليلا بلفظ تسع منعوتا بلفظ الزيادة كأنه قال ولبثوا مع ذلك أيضا تسعا. أو قال لم يلبثوا فوق ذلك إلا قليلا هو تسع. وقيل إن مدة لبثهم تسعمائة بحساب العجم على سير الشمس وبه حسب أهل الكتاب كنصارى نجران وثلثمائة وتسع بحساب العرب على سير القمر والتفاوت بين مائة سنة عجمية ومائة عربية ثلاث سنين فذلك تسع سنين والسنون فى الآية عربية. وإن قلت فلم قال قل الله أعلم بما لبثوا مع أنهم قد وافقوا؟ قلت لأنهم ولو وافقوا لكن لا يقين لهم ولأنهم لما ذكر لهم التسع أنكروها فقال إن الله أعلم بالحساب فإنه أنزل القرآن على كيفية تعرفها العرب وكأن الحساب بزيادة التسع ولا معرفة لكم بوجه التفاوت بين الثلاث المائة التى علمتم ثلاث المائة والتسع التى لم تعلموا.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد