الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَذٰلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَآءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَم لَبِثْتُمْ قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُواْ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَٱبْعَثُواْ أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَـٰذِهِ إِلَىٰ ٱلْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَآ أَزْكَىٰ طَعَاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً }

{ وَكذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ } أى بعثناهم من نومهم كما أنمناهم تلك الإنامة دلالة على كمال قدرتنا { لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ } أى ليسأل بعضهم بعضا عن حالهم ومدة لبثهم فيعرفهم مدة اللبث الذى أرسلوه بالورِق إلى المدينة فيزدادوا يقينا وإيمانا بالبعث وكمال القدرة ويشكروا نعمة الله. { قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ } هو كبيرهم فيما قيل واسمه مكشلينا. وقيل كمسلمينا. { كَمْ لَبِثْتُمْ } فى نومكم كم هنا ظرف زمان منزل منزلة المفعول به وهى للاستفهام متعلق بلبثم أى كم ساعة أَو نحو ذلك قيل إنهم استكثروا نومهم يتساءلوا عن مدته وقيل راعهم ما فاتهم من الصلاة فقال ذلك. { قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ } بناء على غالب ظنهم لأن النائم لا يدرى كم نام إلا بدليل يراه وفى ذلك دليل على جواز الاجتهاد والقول بالظن الغالب وأنه لا يكون كذبا وإن جاز أن يكون خطأ قاله الزمخشرى ولما لم يتحققوا مدة اللبث ردوا العلم إلى الله. { قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ } منكم لأنكم ولو علمتم لكن بظن أو أعلم بمعنى علم أى ربكم عالم دونكم. { بِمَا لَبِثْتمْ } ما مصدرية أى بلبثكم ويقدر مضاف أى بمقدار لبثكم أو مدة لبثكم أو اسم أى بالزمان الذى لبثتموه وإنما كان العائد الهاء المحذوفة العائدة للزمان لأنها نُزِّلت منزلة المفعول به ولو عادت للزمان ولذلك ساغ حذفها. ويجوز أن يكون لبثا يوما أو بعض يوم قول بعض وربكم أعلم بما لبثتم قول آخرين منكرين عليهم الدخول فيما لا علم به لا على سبيل التحريم بل على سبيل التنزه لعدم موجب الدخول فيه. وقد روى أن كبيرهم المذكور سمع الاختلاف بينهم فقال دعوا الاختلاف ربكم أعلم بما لبثتم. وقيل دخلوا الكهف غُدوة فانتهوا بعد الزوال فظنوا أنهم فى يومهم وهو قولهم أَو بعض يوم أو أنهم فى اليوم بعده وهو قولهم لبثنا يوما فلم يذكروا بعض الذى بعده لأن أو للشك كما هو المتبادر. ولك أن تجعل أو بمعنى بل أو للتنويع باعتبار الكل والبعض فيكونون قد ذكروا بعض الذى بعده ومذهب سيبويه أنه لا تأتى بمعنى بل إلا إن أعيد الفاعل وتقدم نفى أو نهى. ويجوز كونها بمعنى الواو فيكونون قد ذكروه ولما نظروا طول أظفارهم وأشعارهم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم وقيل قالوا لبثنا يوما فنظروا الشمس بقى منها بقية بأَن خرجوا إلى موضع ترى منه فقالوا أو بعض يوم ولما نظروا طول أظفارهم وشعورهم علموا أنهم لبثوا أكثر من يوم فقالوا ربكم أعلم بما لبثتم وذلك أظهر من أن يقال علموا بإلهام أن المدة متطاولة وأن مقدارها مبهم لا يعلمه إلا الله ثم أخذوا بعد التحاور فيما يهمهم فقالوا { فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ } فبعثوا تمليخا فقد بان لك وجه تفريع هذا على قولهم ربكم أعلم بما لبثتم فكأنهم قالوا دعوا الكلام فيما اختص الله بعلمه فإنكم لا تتحصلون منه على شئ وخذوا فيما يهمكم فابعثوا أحدكم.

السابقالتالي
2 3