الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذِ ٱعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ ٱللَّهَ فَأْوُوا إِلَى ٱلْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِّنْ أَمْرِكُمْ مِّرْفَقاً }

{ وَإِذ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إلا اللهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ } ذكر بعض أن إذ تجئ حرف تعليل فعليه تكون تعليلا لقولهم فأووا أى ائْووا إلى الكهف لاعتزالكم إياهم فى أمورهم كذبائحهم وبقلوبكم وما يعبدونه غير الله والفاء صلة للتأكيد والتشبيه التعليل بالشرط فى التعليق ألا ترى مثل قولك أمّا أنت بَرّا فاقترب، وقوله
أبا خراشةَ أمَّا أنت ذا نفر فإن قومىَ لم تأكلهم الضبُع   
ويحتمل استعمال إذ للحال أو للاستقبال مجازاً فتكون ظرفا متعلقا بما بعد الفاء والفاء صلة للتأكيد أو لتضمين إذ معنى إذا فى الاستقبال والشرط إيضاح كونها للحال أنهم فى حال قولهم ائْووا معتزلون لهم وإيضاح كونها للاستقبال أن يقال إن المعنى وإذا أردتم الدوام على اعتزالكم لهم أو إذا أردتم اعتزالهم بأجسادكم كما اعتزلتموهم بقلوبكم وفى أمورهم. وقيل فى إذ التى هى حرف تعليل إنها ظرف والتعليل مستفاد من قوة الكلام وما معطوفة على الهاء فى اعتزلتموهم واقعة على الأصنام والاستثناء منقطع على أنهم لا يعبدون الله بل الأصنام وحدها ومتصل على أنهم يعبدونها معه تعالى وذلك كله من كلامهم ويجوز أن تكون ما نافيه والاستثناء مفرغ على هذا فيكون قوله { وما يعبدون إلا الله } من كلام الله سبحانه وتعالى معترض بين قولهم { وإذ اعتزلتموهم } وقوله { فأووا إلى الكهف } لتحقيق اعتزالهم للمشركين وإفادة أنهم فى تلك الحال عابدون لله وحده كما كانوا قبلها أى لا يصدق عليهم فى تلك الحال أن يقال إنهم قد اتصفوا بعبادة غير الله فما مضى ولا فى تلك الحال. وقيل كانوا مشركين ثم آمنوا وعلى هذا فالمراد نفى عبادة غير الله فى تلك الحال وما يتصل بها قبلها مما نزِّل كله منزلة الحاضر. ومعنى ائْووا التجئوا واذهبوا. وفى مصحف ابن مسعود وما يعبدون من دون الله وهو أنسب بكونه من كلامهم إذ لا يصح على قراءته أن يكون من كلام الله إلا بحذف أى وما يعبدون من دون الله وهو مكتوب بهمزة ساكنة هى فاء الكلمة فواو مضمومة هى عين الكلمة فواو الجماعة ولام الكلمة ياء محذوفة وكذلك يقرأ وقياس الكتابة أن يكون بألف غير مهموزة. وأل فى الكهف للحقيقة أى إلى كهف ما من الكهوف أو للعهد الحضورى إن كانوا يرونه حين القول كما روى أنهم يرونه حين كلامهم أو للعهد الذهنى إن كانوا قد توافقوا على ذلك الكهف قبل. وأما ذكر الكهف قبل هذه الآية فمن كلام الله سبحانه. { يَنْشُرْ } يبسط. { لَكُمْ رَبُّكُمْ } شيئاً { مِنْ رَحْمَتِهِ } فى الدنيا والآخرة ويوسع عليكم. { وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً } بفتح الميم وكسر الفاء مصدر ميمى شاذ والقياس فتح الفاء لأن مضارعه مكسور العين ومعناه يهيئ لكم من أمركم رفقاً أى ييسر لكم الرفق بمعنى يرفق بكم بأن يرزقكم ما تنتفعون به من نحو غداء وعشاء وهو من الرفق ضد التغليظ والتشديد أو من الرفق الذى بمعنى الارتفاق وهو الانتفاع أو بمعنى الارتفاق الذى هو الاصطحاب.

السابقالتالي
2