الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً } * { ذَلِكَ جَزَآؤُهُم بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا وَقَالُواْ أَءِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً } * { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لاَّ رَيْبَ فِيهِ فَأَبَىٰ ٱلظَّالِمُونَ إِلاَّ كُفُوراً }

{ وَمَنْ يَهْدِ اللهُ } يوفقه. { فَهُوَ الْمُهْتَدِى وَمن يُضْلِلْ } يخذل. { فَلَن تَجِدَ } لن تعلم أو لن تلقى. { لَهُمْ } اعتبر معنى من هنا مجمع ليوافق المخاطبين ويكون أوضح فى شموله إِياهم { أَوْلِياءَ مِن دُونِهِ } يهدونهم أو ينصرونهم إذا جاءهم عقابى، وقيل المعنى إِن الله عليم بأَحوال العباد كلها، أحوال من قضى عليه بالإِيمان فلا ينقلب إِلى الكفر وأحوال من قضى عليه بالكفر فلا ينقلب إِلى الإِيمان وفى ذلك أيضاً تسلية وفيه أيضاً التهديد من حيث أن كفر الكفار ليس جبراً بل اختياراً منه أثبت نافع وأبو عمرو ياء المهتدى وصلا ووقفاً. { وَنَحْشُرُهُمْ } من قبورهم ومن حيث كانوا إِلى الموقف { يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْياً } جمع أعمى. { وَبُكْماً } جمع أبكم. { وَصُمّاً } جمع أصم لا يبصرون ولا ينطقون بعد نطقهم بقولهم يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا ولا يسمعون حتى يصلوا المحشر، ويبصرون إِذا أراد الله أن يبصروا كوقت قراءتهم كتبهم، وينطقون إِذا أراد الله نطقهم كما إِذا قيل لهم أو لم تبلغكم الرسل ويسمعوا إِذا أراد الله سماعهم كما إِذا قال الله لهم شيئاً مثل ذلك، وكذلك يبصرون إِذا أراد الله أن يبصروا النار كما قال، ورأى المجرمون النار ويسمعون إِذا أراد الله أن يسمعوا، كما قال الله سبحانه سمعوا لها تغيظاً وزفيراً. أو ما أشبه ذلك وإِنما يحشرون كذلك لأَنهم كانوا فى الدنيا لا يستبصرون ولا ينطقون بالحق ويعمون عن استماعه كما قال، ومن كان فى هذه أعمى فهو فى الآخرة أعمى، وقيل يحشرون إِلى النار عمياً بكماً صماً، وإِذا كانوا فيها سمعوا ونطقوا ونظروا إِذا أراد الله وعموا وبكموا وصموا إِذا أراد الله، وقيل عمياً لا يرون ما يسوؤهم، وبكماً لا ينطقون بحجة، وصماً لا يسمعون ما يسوؤهم، وقيل عمياً وبكماً وصماً بعد ما قال الله جل وعلااخسئوا فيها ولا تكلمون } وعلى هذا فعمياً وبكماً وصماً أحوال مقدرة وكذا على القول قبله إِذا فرضناه فى النار ومقارنة على غير ذلك، ويحتمل أن يراد بحشرهم إِلقاؤهم فى النار وما تقدم من أنه الحشر من القبر إِلى الموقف أو من الموقف إِلى النار أولى لما روى أنه قيل له - صلى الله عليه وسلم - " كيف يمشون على وجوههم، فقال الذى أمشاهم على أقدامهم قادر أن يمشيهم على وجوههم " ، رواه الترمذى عن أبى هريرة وحسنه وفى رواية عنه " أيمشى الكافر على وجهه فقال - صلى الله عليه وسلم - أليس الذى أمشاه على الرجلين فى الدنيا قادراً على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة " ، قال قتادة حين بلغه ذلك بلى وعزة ربنا، والرواية الآخرة هى التى بلفظ الترمذى.

السابقالتالي
2