{ وَيَسْأَلُونَكَ عِنِ الرُّوحِ } أى يسأَلك قريش عن الروح المركب فى الحيوان من الإِنسان وغيره الذى به يحيا ما هو. { قُلِ } لهم { الرُّوحُ مِنْ أمْرِ رَبِّى } مما وجد الله بقوله كن من غير مادة وتولد من أصل كأَعضاء الجسد فإِنها تولدت من نطفة والنطفة تولدت من متولد بواسطة مأْكول ومشروب إِلى آدم المتولد من تراب، والمعنى قل الروح وجد بأَمر ربى وحدث بتكوينه لكن هذا على أنهم سأَلون هل الروح قديم أو حادث؟ أو المعنى قل الروح من أمور الله التى اختص بعلمها. { وَمَا أُوتِيتُم } وقرأ الأَعمش وما أوتوا الخ، وفى قراءة الجمهور التفات. { مِّنَ الْعِلْمِ } علم الدين وعلم الدنيا. { إِلاَّ قَلِيلاً } بالنسبة إِلى علم الله فإِن قريشاً قد علمت بعضاً كعلمهم بوجود الله وبأَنه الرازق وعلمهم بأُمور المعيشة، وأشار بهذا إِلى أن الروح مما لا يمكن معرفة ذاته إلا بعوارض تميزه عما يلتبس به فلذلك اقتصر على هذا الجواب كما اقتصر موسى على قوله رب السماوات والأَرض وما بينهما إن كنتم موقنين، فى جواب قول فرعون وما رب العالمين. والقليل الذى أوتيتموه إِنما هو بواسطة حواسكم فإِن العلم النظرى إِنما يستفاد من الضروريات المستفاد من إِحساس الجزئيات ومن فقد حساً فقد علماً، وأكثر الأَشياء لا تدركه الحاسة بذاته بل بواسطة القياس والتمثيل وغيرهما. " قال الكلبى بعث المشركون رسولا إِلى المدينة يسأَلون اليهود عن نعت النبى الذى حل مبعثه، فوجدوا بها علماء اليهود من كل أرض قد اجتمعوا فيها لعيد لهم فسأَلوهم عن محمد ووصفوه لهم. فقال لهم حبر من أحبار اليهود إِن هذا نعت النبى الذى يبعثه الله فى هذه الأَرض فقال له رسل قريش إِنه فقير يتيم لم يتبعه من قومه من أهل الرأى ولا ذوى الشأَن أحد، فضحك الحبر، قال كذلك نجده. قالت له رسل قريش فإِنه يقول قولا عظيماً، يدعو إِلى الرحمن الذى باليمامة الساحر الكاذب، يعنون مسيلمة، فقالت لهم اليهود، لا تكثروا علينا اذهبوا فاسأَلوا صاحبكم عن خلال ثلاث فإِن الذى باليمامة قد عجز عنهن فأَما اثنتان فإِنهما لا يعلمهما إلا نبى، وأما الثالثة فلا يجترئ عليها أحد فإِن أخبركم عن الاثنتين دونها فهو صادق. فقالت رسل قريش أخبرونا بهن. فقالت اليهود اسأَلوه عن أصحاب الكهف والرقيم فقصوا عليهم قصتهم واسأَلوه عن ذى القرنين وحدثوهم بأَمره، واسأَلوه عن الروح إِن أخبركم بشئ فيه فكاذب، فرجعت رسل قريش إِليهم فأَخبروهم بذلك، فأَرسلوا إِلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلقيهم فقالوا يا ابن عبد المطلب نسأَلك عن خلال ثلاث فإِن وافقت بالجواب فصادق وإلا فلا تذكر آلهتنا بسوء، فقال - صلى الله عليه وسلم - ما هن. قالوا أخبرنا عن أصحاب الكهف فإِنا قد أخبرنا عنهم بآية بينة، وأخبرنا عن ذى القرنين فإِنه قد أخبرنا عنه بآية بينة، وأخبرنا عن الروح. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنظرونى حتى أنظر ماذا يحدث إِلى فيه ربى. قالوا فإِنا ناظروك فيه ثلاثة أيام، فمكث عنه جبريل لا يأْتيه، ثم أتاه فاستبشر - صلى الله عليه وسلم - وقال يا جبريل قد رأيت ما سأَلونى عليه، ثم لم تأْتنى. فقال له وما تنزل إلا بأَمر ربك إِلى وما كان ربك نسياً ثم قال ويسأَلونك عن الروح. قل الروح من أمر ربى وما أُوتيتم من العلم إلا قليلا، ثم قال أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا.. إِلى آخر قصتهم. ثم قال ويسألونك عن ذى القرنين.. إِلى آخر قصته. ثم لقى قريشاً فى آخر اليوم الثالث فقالوا ماذا أحدث إِليك ربك فى الذى سأَلناك عنه. فقص عليهم، فعجبوا وغلب عليهم الشيطان أن يصدقوه "