الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقُلْ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَزَهَقَ ٱلْبَاطِلُ إِنَّ ٱلْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً }

{ وَقُلْ جَاء الْحَقُّ } أى قل عند دخول مكة إِذا فتحها لك جاء الحق أى دين الله. { وَزَهَقَ الْبَاطِلُ } ذهب دين الشيطان من زهقت روحه إِذا خرجت وذلك التعميم أولى من قول قتادة الحق القرآن، والباطل الشيطان، وقول فرقة الحق الإيمان والباطل الكفر إلا إن أريد فى القولين العموم الذى ذكرت. { إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زهُوقاً } سريع الزوال ولو ثبت فى دولة ويفيد هذا الكلام قرب نزول عيسى بن مريم عليه السلام جداً وقرب قيام الساعة لانتشار الشرك وأعوانه فى هذا الوقت الذى نحن فيه انتشار لم يعهد فى هذه الأُمة قط حتى أنا لا نظن أنه يزول إِلا بعيسى بن مريم. قال ابن مسعود " دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة يوم الفتح وحول البيت ثلاث مائة وستون صنما، فجعل يطعنها بعود فى يده ويقول جاء الحق وزهق الباطل وما يعبد " رواه البخارى ومسلم والآية نزلت بمكة قبل الهجرة أمران يستشهد بهما عند الفتح وطعن الأَصنام، وقيل نزلت الآية يوم الفتح، فقال جبريل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خذ مخصرتك وهى ما يمسكه الإِنسان بيده من عصاة وغيرها مما يختصره الإِنسان ويطلق أيضاً على السوط وألقها على كتفك واطعن بها الأَصنام، فكان يطعن بها كل صنم فى عينه بعد أن يقول جاء الحق وزهق الباطل إِن الباطل كان زهوقاً، فيخر كل صنم على قفاه لطعن غير شديد وكانت موثقة برصاص أو نحوه حتى ألقاها كلها، أو كان كل صنم لقبيلة من العرب تحج إِليه وتنحر إِليه، ولم يبق إِلا صنم من قوارير من صفر لخزاعة فقال يا على ارم به محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى صعد فرمى به فكسره وجعل أهل مكة يتعجبون من وقوع كل صنم على قفاه بطعن ضعيف بآلة ضعيفة، وقيل يشير إِشارة فتقع، ويقولون ما رأينا رجلا أسحر من محمد. وعن ابن عباس شكا البيت إِلى الله عز وجل فقال يا رب حتى متى تعبد هذه الأَصنام حولى دونك فأَوحى الله إِلى أنى سأُحدث لك نوبة جديدة فأملأك خدوداً سجداً يزفون إِليك زفيف النسور ويحنون إِليك حنين الطير إِلى بيضها لهم عجيع حولك بالتلبية فكان ذلك من حين الفتح وتلك الشكاية حقيقة عندى بأَن خلق الله فى البيت التمييز حينئذ، وقال الزمخشرى تمثيل ومن كتب وقد جاء الحق الآية فى ورقة صفراء خمس مرات ونجمها تحت السماء وعلقها على من به السحر فإنه يبطل ويذهب عنه إِن شاء الله تعالى.