الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَٱجْعَل لِّي مِن لَّدُنْكَ سُلْطَاناً نَّصِيراً }

{ وقُل } يا محمد { رَّبِّ أدْخِلْنِى مُدْخَلَ صِدْقٍ وأخْرِجْنِى مُخْرَجَ صِدْقٍ }. قال ابن عباس نزل حين أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم بالهجرة، قال المراد ادخلنى المدينة مدخل صدق لا أرى ما أكره، وأخرجنى من مكة مخرج صدق لا ألتفت إِليها بقلبى، روى عنه أدخلنى القبر بالموت مدخل صدق أى طاهراً من السيئات وأخرجنى منه بالبعث مخرج صدق أى ملقى بالكرامة مرضياً عنى، وقيل أدخلنى الجنة وأخرجنى من مكة، وقيل أدخلنى المدينة، وأخرجنى إِلى قتال بدر، وقيل أدخلنى مكة ظاهراً على أهلها بالفتح وأخرجنى منها آمناً من المشركين فيكون العطف عطف سابق على لاحق، وقيل المراد إدخاله الغار وإِخراجه منه سالماً، وقيل أدخلنى فى أمرك الذى أرسلتنى به من البنوة مدخل صدق وأخرجنى من الدنيا وافيا مبلغاً، وقيل أدخلنى فى طاعتك مدخل صدق وأخرجنى من المناهى مخرج صدق وقيل دعاء بتحسين حاله فى كل ما يتناول من الأُمور الدينية والدنيوية وكأَنه قيل رب أصلح لى وردى فى كل الأَمور وصدرى منها وهو أظهر وأحسن لعمومه، وقيل لا تجعلنى ممن يدخل بوجه ويخرج بوجه ومدخل ومخرج مصدران ميميان من إِدخال وإِخراج الرباعيين أى إِدخال صدق وإِخراج صدق واسما مكانين، أى موضع إِدخال الصدق وموضع إِخراج الصدق، وهذا ضعيف والموضعان مجازان عن الأَمر الذى يشرع فيه أو يفرغ منه أى لا تجعلنى ممن يفرغ من أمر غير صدق أى لا تدخلنى فيه فضلا عن أن أخرج منه، وقرأ بفتح الميمين على أنهما مصدران ميميان من دخل وخرج الثلاثيين أى خروجاً ودخولا ولا يخفى أيضاً ضعف المكان وهما على هذه القراءة اسما مصدرين باعتبار أدخلنى وأخرجنى أو يقدر لهما عامل ثلاثى أى رب أدخلنى فأدخل دخول صدق وأخرجنى فأخرج خروج صدق والصدق كون الشئ خالياً عن مكدر كمعصية وخيانة وكذب ومضرة، والآية لله إِلى قوله نظيراً للدخول على السلطان وإِزالة الخوف من القلب من أراد ذلك فليتطهر وليلبس ثوباً نظيفاً وليصل ركعتين ثم يتلوها فى طريقه إِلى أن يقف بين يدى السلطان فإِنه يرى منه الفضل إِن شاء الله تعالى. { وَاجْعَل لِّى مِن لَّدُنكَ } من عندك. { سُلْطَاناً } برهاناً قوياً. { نَّصِيراً } ينصرنى على من خالفنى أى تنصرنى به أو مُلكاً بضم الميم وإِسكان اللام وعزا ينصر الإِسلام على الكفر، وبالأَول قال مجاهد فوعده الله لينزعن ملك فارس والروم وغيرهما ويجعله له، وأجاب دعاءه، وقال الله يعصمك من الناس. وقال ليظهره على الدين كله، وقال وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم فى الأَرض وقال ألا إِن حزب الله هم الغالبون، " وعنه - صلى الله عليه وسلم - أنه استعمل عتَّاب بن أسيد على أهل مكة، وقال انطلق فقد استعملتك على أهل الله فكان شديداً على المريب ليناً على المؤمن، وقال والله لا أعلم متخلفاً يتخلف عن الصلاة فى جماعة إلا ضربت عنقه فإِنه لا يتخلف عن الصلاة إِلا منافق، فقال أهل مكة يا رسول الله لقد استعملت على أهل دين الله عتاب بن أسيد أعرابيا جافيا، فقال - صلى الله عليه وسلم - إِنى رأيت فيما يرى النائم كأن عتاب بن أسيد أتى باب الجنة فأَخذ بحلقة الباب وقلقها قلقا لا شديداً حتى فتح الله له فدخلها فأعز الله به الإِسلام لنصرته للمسلمين على من يريد ظلمهم فذلك السلطان النصير ".