الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنَ ٱلْلَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً }

{ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ } من معنى فى وقيل بمعنى بعض ولا منافاة فإِن من قام بعض الليل صح أن يقال قام فى الليل ويجوز إِبقاء الليل على كليته ومن بمعنى فى على أنه قيل كان قيام الليل كله واجباً عليه، ويأْتى كلام فى ذلك وذلك متعلق بتهجد والفاء صلة للتأْكيد والتهجد الخروج عن النوم وتركه كأنه قيل اترك الهجود للصلاة وهو نوم الليل كالتحرج والتاء ثم بمعنى ترك الحرج والإِثم وذلك ليشمل قياماً بعد نوم أو قبله وقال علقمة وغيره التهجد بعد نومه، وقال الحجاج ابن عمرو التهجد بعد رقدة، وقال الحسن إِذا قال التهجد ما كان بعد العشاء الأَخيرة. قال أبو عبيدة الهاجد النائم والهاجد المصلى بالليل. وعن المازرى التهجد الصلاة بعد الرقاد، ثم صلاة أخرى بعد رقدة، ثم صلاة أخرى بعد رقدة. قال وهكذا كانت صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والهاء فى به للقرآن المعبر به عن الصلاة بجملتها أو القرآن الواقع فى الصلاة ويكون الضمير عائداً إِلى قرآن من قوله وقرآن الفجر بدون اعتبار لفظ الفجر ويجوز كونها عائدة إِلى وقت محذوف منعوت بقوله من الليل أى وقتاً ثابتاً من الليل وعلى هذا يتعلق هذا الوقت المقدر بمحذوف من باب الاشتغال والباء بمعنى فى على هذا الوجه وهكذا يكون من الاشتغال بأَن نجعل من الليل بمعنى بعض الليل ونجعل الباء للتبعية والهاء لليل نجعلهما معاً فى والهاء لليل. { نَافِلَةً } حال من الهاء فى به { لَّكَ } أى عبادة زائدة فى فرائضك فهى واجبة عليك. قاله ابن عباس، ويدل له لفظ تهجد فإِنه أمر، والأَمر للوجوب ما لم يصرفه دليل عن الوجوب. روى الطبرى عن ابن عباس أنه النافلة للنبى - صلى الله عليه وسلم - خاصة لأَنه أمر بقيام الليل وكتب عليه دون أمته وإِسناده ضعيف، وقال مجاهد معناه زيادة لك خالصة لأَن تطوع غيره يكفر ما على صاحبه من ذنب ويجبر فرائضه وتطوعه - صلى الله عليه وسلم - يقع خالصاً لكونه لا ذنب عليه فإِن كل طاعة منه زيادة درجات وقيل معنى نافلة فضيلة لك باختصاص وجوبه بك. وعن عائشة أن الله افترض قيام أول الليل فى سورة المزمل فقام هو وأصحابه حولا حتى أنزل الله فى آخرها التخفيف فصار تطوعاً، رواه مسلم وروى محمد بن نصر عن ابن عباس شاهد الحديث عائشة رضى الله عنها أن بين الإِيجاب النسخ سنة، وروى الشافعى أن آخر سورة المزمل نسخ فرض قيام الليل إِلا ما تيسر منه ثم نسخ فرض ما يتيسر بالصلوات الخمس، وروى محمد بن نصر من حديث جابر ابن عبد الله أن نسخ قيام الليل كان حين توجهوا مع أبى عبيدة بن الجراح فى جيش القبط.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد