الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ ٱلَّيلِ وَقُرْآنَ ٱلْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ ٱلْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً }

{ أقِمِ الصَّلاَةَ } أى ائت بالصلاة مستقيمة تامة. { لِدُلُوكِ الشَّمْسِ } أى زوالها عن وسط السماء وأصل مادة ذلك الانتقال، ومنه الدلك فى الغسل، فإِن الدالك لا تستقر يده فى موضع واحد وقد قيل إِن من الدلك لأَن الناظر إِليها يدلك عينيك ليدفع شعاعها وهكذا ما يتركب من دال ولام كدلج بالجيم أى سار أول الليل أو آخره ودلح بالحاء المهملة أى مشى بالحمل الثقيل رويداً، ودلع أى خرج لسانه من فِيهِ ودلع الشئ خرج ودلق أى مشى رويداً، ودلف الشيخ مشى وقارب الخطو ودله الإِنسان تحير وهدر واللام للتوقيت كقولك كتبته لثلاث ليال مضين، وفى معناه قول بعض أنا بمعنى بعده، وقول بمعنى عند، وذكر ابن هشام أن اللام تكون بمعنى عند ومثل له بقولهم كتبه لخمس خلون، وبمعنى بعد ومثل له بالآية، وقيل بمعنى من الابتدائية أى من وقت دلوك الشمس، وذكر إِلى بعد ذلك أنسب به ولو كانت عند وبعد يصح تغيبتهما بإِلى أيضاً، وذلك إِشارة إِلى صلاة الظهر والعصر فإِن زوال الشمس عن وسط السماء أول الظهر ثم يدخل وقت العصر بعد. { إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ } أى ظهور ظلمته أى إِلى وقت غسقه وهو المغرب فحينئذ تصلى صلاة المغرب ثم بعد ذلك تصلى صلاة العشاء فهذه إِشارة إلى صلاة المغرب والعشاء وذلك قول ابن عباس وقيل غسق الليل اشتداد ظلمته وهو قت العشاء فتدخل صلاة العشاء به وصلاة المغرب بكونها بين المبدأ والمنتهى فهى والعصر والظهر داخلات بما قبل الغسق وعلى القولين الآية شاملة للصلوات الخمس إِذ ذكر صلاة الفجر بعد، والمشهور من القولين هو الأَول وتفسير الدلوك بزوال الشمس هو المشهور أيضاً، وهو قول ابن مسعود وابن عمر وجابر ابن عبد الله وعطاء وقتادة ومجاهد والحسن وأكثر التابعين ذكر الحسن أنه - صلى الله عليه وسلم - لما زالت الشمس أمر مناد بالصلاة جامعة فاجتمعوا فصلوا الظهر أربعاً يسر فيهن ثم لما صارت بيضاء نقية أمر كذلك فصلوا العصر أربعا يسر فيهن، ولما غابت أمر كذلك فصلوا المغرب ثلاثاً يعلن فى الركعتين الأوليين ويسر فى الثالثة، ولما غاب الشفق أى الأَحمر أمر كذلك فصلوا أربعاً يعلن فى الركعتين الأوليين، وبات الناس لا يدرون أيزيدون أو لا حتى طلع الفجر، أمر كذلك فصلوا ركعتين يعلن فيهما وفى كل ذلك جبريل عليه السلام يصلى بالنبى - صلى الله عليه وسلم - والنبى - صلى الله عليه وسلم - يصلى بالناس وكلما صلى ذهب، رواه الشيخ هود رحمه الله، وروى النسائى وبعض أصحابنا عن جابر بن عبد الله أن جبريل أتى النبى - صلى الله عليه وسلم - يعلمه مواقيت الصلاة، فتقدم جبريل ورسول الله خلفه والناس خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى الظهر حين زالت الشمس وأتاه حين كان الظل مثل شخصه فصلوا العصر كذلك ثم حين وجبت الشمس فصلوا المغرب كذلك ثم حين غاب الشفق فصلوا العشاء كذلك، ثم حين انشق الفجر فصلى الغداة كذلك، ثم أتاه فى اليوم الثانى حين كان ظله مثل شخصه فصلوا الظهر كذلك ثم أتاه حين كان ظله مثليه فصلى العصر ثم حين غابت الشمس فصلى المغرب كذلك، ثم حين غاب الشفق فصلى العشاء كذلك ثم امتد الفجر والنجوم بادية مشتبكة فصلى الغداة ثم قال ما بين الصلاتين وقت انتهى باختصار وفى كل ذلك جبريل عليه السلام أما النبى - صلى الله عليه وسلم - والنبى أمام القوم كما أشرت إِليه بقولى كذلك.

السابقالتالي
2 3 4