الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ يَقْرَؤونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً } * { وَمَن كَانَ فِي هَـٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي ٱلآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلاً } * { وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ ٱلَّذِي أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً } * { وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً }

{ يَوْمَ } ومفعول لمحذوف أى اذكر يوم أو ظرف لمحذوف دل عليه لا يظلمون فتيلا أى لا يظالمون يوم والوجه الأَول أظهر ويجوز تعليقه بفضلنا وعلى هذا الوجه الأَخير يكون المراد تفصيل المؤمنين فعبر بالمجموع أو يقدر مضاف أى وفضلنا بعضهم يوم الخ بإِتيان الكتب فى الإِيمان وإِدخال الجنة وهذه فضيلة على أهل النار وعلى من لا يدخل الجنة ولا النار وعلى من يدخلها غير متلذذ ولا متأَلم بهما كالملائكة فإِن منهم خزنة النار وخزنة الجنة وخدم أهلها وذلك اليوم هو يوم القيامة. { نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ } وقرئ يدعى بالبناء للمفعول وقرئ يدعو كذلك لكن بقلب الأَلف واواً وفتح العين كما فى الذى قبله وعلى القراءتين برفع كل على النيابة ويجوز على الأَخير أن يكون الواو علامة جماعة وكل نائب وأن يكون نائباً وكل بدلا وعلى هذين الوجهين فى هذا الوجه الأَخير حذفت نون الرفع تخفيفاً لقلة المبالاة بها إِذ ليست لها علامة رفع. { بِإِمَامِهِمْ } بمن يقتدرو، به من جائر وعادل فيقال يا أتباع محمد، يا أتباع أبى لهب، يا أتباع أبى جهل، يا أتباع فرعون، وبما يقتدرون به، يا أتباع القرآن، يا أتباع الإِنجيل، يا أتباع التوراة، ونحو ذلك وقد فسر بعضهم الإِمام بالنبى والمقدم فى الدين، وابن زيد بالكتاب، والحسن وابن عباس بالدين، وبعض بكتاب الأَعمال يا أصحاب كتاب الخير، يا أصحاب كتاب الشر، وقد قرأ الحسن يوم ندعو كل أناس بكتابهم، وابن عباس فى رواية بمن يقتدرون من مضل أو هاد وبعض بمعبودهم وعن مجاهد وقتادة بنبيهم، وقيل بالقوى الحاملة لهم على عقائدهم وأفعالهم ينقطع نسب الإِنسان يومئذ ويبقى نسب العمل والديانة وقيل الإِمام جمع أم كخف وخفاف، يقال يا فلان عن فلانة إِجلالا ليس عليه السلام لأَنه لا أب له وإِظهار الشرف الحسن والحسين ليذكروا بالنبى - صلى الله عليه وسلم - بعد فاطمة، فيقال يا حسين ابن فاطمة بنت محمد، ولئلا يفتضح أولاد الزنا المؤمنون، وذكر فى الكشاف أن هذا من يدع التفاسير وعاب قليله والذى فى بعض الأَخبار أن الإِنسان يدعى يا فلان بن فلان والتفسير بكتاب الأَعمال أشد مناسبة لقوله سبحانه وتعالى. { فَمَنْ أُوْتِىَ } من المدعوين. { كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ } وهو كتاب عمله. { فَأُولَئِكَ } إِشارة إِلى من باعتبار معناهَا. { يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ } الإِضافة للاستغراق أى كتبهم وإِن قلت كذلك من أوتى كتابه بشماله يقرأه قلت تتم فائدة الكلام بمحذوف أى يقرءون كتابهم فرحين مسرورين بما فيه مفتخرين به ذاكرين له ومن يؤته بشماله على عكس ذلك أو تتم بالمعنى لأَن المعنى يقرءون كتابهم قراءة تامة بينة ولا يقنع القارئ بقراءته حتى يذكره كما مر لأَهل المحشر، ويقول هاؤم اقرأوا كتابيه بخلاف من يؤتى بشماله فيشغله الدهش والخجل والحيرة فيعجزون عن إِقامة الحروف فتكون قراءتهم كلا قراءة أو تتم فائدة الكلام بقوله { وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً } لأَن معناه لا ينقصون من أجورهم أدنى شئ ولا أجر لمن يؤتى كتابه بشماله فى الآخرة والفتيل ما يكون فى شق النوى وفسره بعضهم بقشرة النوى، وعلى كل حال المراد التمثيل بالقلة لا حقيقة مقدار الفتيل لأَنهم لا يظلمون فتيلا ولا أقل وفتيلا مفعول ثان لأن الظلم بمعنى النقص ويجوز تعديته لاثنين أو مفعول مطلق نائب عن الظلم أى لا يظلمون ظلماً ما، ولك أن تقول لما ذكرت قراءة السعداء كتابهم فى ذلك اللوح وأشار أن الأَشقياء يقرءونها كلا قراءة من حيث أنها قراءة خفية غير تامة الحروف وغير مفيدة للخير بقوله { وَمَن كَانَ فِى هَذِهِ } أى فى هذه الدار وهى الدنيا.

السابقالتالي
2 3 4