الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً }

{ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا } فضلنا على غيرهم من الحيوان. { بَنِى آدَمَ } بالعلم والفهم والنطق وحسن الصورة واعتدال المزاج واعتدال القامة وتناول الطعام والشراب باليد، كما قال ابن عباس فى تفسير الآية كل حيوان يتناول طعامه بفيِهِ إِلا الإِنسان فإِنه يرفعه إِليه بيده. روى أن هارون الرشيد أحضر طعاماً فدعا بالملاعق وعنده أبو يوسف فقال جاء فى تفسير جدك ابن عباس فى قوله تعالى { ولقد كرمنا بنى آدم } جعلنا لهم أصابع يأْكلون بها فأحضرت الملاعق فردها وأكل بأصابعه. " وروى أنه - صلى الله عليه وسلم - كان مع أصحابه فى سفر فأَتوا على برك من ماء فكرعوا فيها بأَفواههم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اغسلوا أيديكم واشربوا منها " ، فنزلت الآية وبالتمييز بالعقل والإِفهام بالنطق والإِشارة والخط والوصول إِلى أسباب المعايش والمعاد والتسلط على ما فى الأَرض وليس فى الأَرض شئ إلا إِذا شاءوا قهروه حتى السباع يجتمع اثنان منهم وأكثر فيقتلون الأَسد والواحد المحتال القوى الجنان يقتله، وحدثنى شيخنا أن الصغير يقتل الأَسد بأَن يلتزم ذنبه ويلتوى به حيث الأَسد ولا يزال يضربه فى خاصرته وداخل البطن حتى يقتله، وأن طفلا غير بالغ فعل ذلك وبالتمكن من الصناعات وأسياق الأَسباب والمسببات العلوية والسفلية إِلى ما يعود عليهم بالمنافع وكون الرجال باللحى والنساء بالنواصى والذوائب وإِن منهم خير أمة أخرجت للناس وإِن منهم محمد - صلى الله عليه وسلم - فقيل وبالطعام الطيب كالخبز واللحم والسمن والعسل وفيه أن هذا المذكور بعد وطهارتهم بعد الموت. { وَحَمَلنَاهُمْ فِى الْبَرِّ } على الدواب. { وَالْبَحْرِ } على الفلك ومعنى حملهم على ذلك إِركابه إِياهم على ذلك أو معناه أعطاه إِياهم ما تركبونه كما يقال أطعمته وسقا من تمر أى أعطيته إِياه ليأْكله شيئاً فشيئاً أو معناه منعه الأَرض أن تنهال بهم فينخسفوا والبحر أن تنفسخ بهم أجزاؤه فيغرقوا كأَنه قيل أجمدنا لكم الأَرض والبحر بقدر ما لا تستسفاون فيها { وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ الطَّيِّبَاتِ } ما يستلذ من الطعام والشراب مما يحصل بسببهم كالطبخ والعجن وخلط شيئين أو أشياء أو بدون تسبيبهم كالرطب والفواكه وقيل المراد الزبد والسمن والتمر والحلو وذكر بعض أن الأَغذية إِما نباتية وإِما حيوانية ولا يتغذى الإِنسان إِلا بأَطيب القسمين بالطبخ الكامل والنضج التام وجعل رزق غيرهم مما لا يخفى. { وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً } بالقهر والشرف والكرامة واحترز بالكثير عن الملائكة، فقيل إِنهم أفضل من بنى آدم مطلقاً، وعليه الزمخشرى والمعتزلة، وقيل من خواصهم فإِنهم أفضل من عامة مؤمنى بنى آدم وخاصتهم، وقيل من عامتهم فقط وخاصتهم أفضل من خاصة الملائكة، وعن الكلبى المؤمنون أفضل من الملائكة إِلا على جبريل وعزرائيل وميكائيل وإِسرافيل ونحوهم ولا يلزم من عدم تفضيل بنى آدم عموماً عليهم عدم تفضيل بعضهم كنبينا أو كالانبياء مطلقاً فإِنهم أفضل من الملائكة عموماً والذى عندى أن المؤمن الآدمى أفضل من الملائكة لأَنه أطاع الله جل جلاله مع أن له موانع وعوارض عن الطاعة وقد جعلهم الله خدماً لهم فى الآخرة.

السابقالتالي
2