الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ ٱلْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً }

{ إِنْ أحْسَنتُمْ } الخ. من جملة ما قضى الله جل جلاله إِلى بنى إِسرائيل فإِن الكلام كله إِلى حصيرا داخل تحت قوله عز وجل وقضينا إِلى بنى إِسرائيل وقدر بعضهم القول أى وقلنا لهم إِن أحسنتم باتباع الأَوامر واجتناب المناهى { أحْسَنْتُمْ لأَنفُسِكُمْ } لأَن ثواب ذلك لكم { وَإِنْ أسَأْتُمْ } بترك الأَوامر وارتكاب النواهى { فَلَهَا } أى فإِساءتكم لأَنفسكم لأَن عقاب ذلك عليها واللام بمعنى على وعبر بها ليزدوج بقوله لأَنفسكم أو هى لام استحقاق أى كنتم أهلا للعقاب. قال على بن أبى طالب ما أحسنت إِلى أحد ولا أسأت إِليه وتلا الآية { فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ } أى المرة الآخرة أى عد عقوبة المرة الأَخيرة أو الوعد بمعنى العقاب أى عقاب المرة الآخرة وقد مر بيانها وجواب إِذا محذوف تقديره بعثناهم عليكم يدل عليه الأَول أو سلطنا عليكم الفرس والروم وبذلك المحذوف يتعلق قوله { لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ } أى ليجعلوها سيئة بادية عليها آثار الحزن والهم، وذلك فرع إِدخال الحزن والغم فى قلوبهم فكأَنه قيل ليغموكم ويحزنوكم وقرأ أبو عمرو وحمزة وأبو بكر ليسيئ الياء وكسر السين وفيه ضمير مستتر عائد إِلى الله جل جلالهُ على أن يقدر الجواب سلط الله عليكم أو بعث الله عليكم وإِما على تقدير سلطنا أو بعثنا فعلى طريق الالتفات أو عائد البعث أو الوعد وتؤيد قراءة الكسائى لنسوء بالنون مفتوحة عوده إِلى الله سبحانهُ وتعالى، وقرأ على ليسؤن بفتح اللام والياء وضم السين ممدودة بواو بعدها همزة بعدها نون التوكيد خفيفة قرأ بعضهم كذلك لكن بتشديدة وقرأ بعض كذلك لكن بنون المتكلم أولا ونون التوكيد الخفيفة آخراً وبعض كذلك بالنون أولا لكن بالنون الخفية آخراً، ووجه فتح اللام فى هذه القراءة أن الجملة جواب لقسم مقدر قيل إِذا مستغنية عن جواب إذا فوالله إِذا جاء وعد الآخرة ليسوءن، أو يقدر جواب إذا مثلها بلا لام ولا توكيد أو الجملة جواب لقسم مقدر بعد جواب إِذا المقدر من جنس جواب إِذا الأولى واللام فى قراءة الكسر لام تعليل كما علمت وهو الواضح وقيل لام الأَمر وهو ضعيف هنا لتنافر غيبة المأْمورين مع خطاب المخاطبين وكذا القولان فى اللامين بعد، { وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ } عطف على ليسوءوا والمراد بالمسجد بيت المقدس ونواحيه { كَمَا دَخَلُوهُ أوَّلَ مَرَّةٍ } أى وقت إِفسادهم الأَول وكلا الدخولين لتخريب المسجد، { وَلِيُتَبِّرُوا } أى يهلكون فالتشديد للتعدية يقال تبر بالتخفيف بمعنى هلك وتبره بالتشديد بمعنى أهلكه وإِن جعلناه من تبر المخفف المتعدى كان التشديد للتأْكيد ومن المخفف المتعدى لفظه متبوراً فإِنهُ اسم مفعول تبر الثلاثى وفيه ضمير مستتر، { مَا عَلَوْا } ما اسم وهو مفعول يتبروا والرابط محذوف أى وليتبروا ما علوه أى ما غلبوه واستعلوا عليهِ من بنى إِسرائيل وأموالهم وبلادهم أو ظرفية مصدرية والمفعول محذوف أى وليتبروا كل شئ سلطوا عليه ما داموا غالبين { تَتْبِيراً } إهلاكاً.