الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلْضُّرُّ فِي ٱلْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ كَفُوراً }

{ وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِى البَحْرِ } هو اضطراب البحر وتموجه وانكسار بعض السفينة وانقطاع بعض آلاتها ووقوعها فى الدردور وجذورها ماسة لجبل من تحت أو من جانب أو نحو ذلك من أهوال البحر التى يخاف منها الغرق، ولك أن تفسر الضر بخوف الغرق لشئ من نحو ما ذكرنا { ضَلَّ } غاب ذهب عن قلوبكم { مَن تَدْعُونَ } تعبدون أو تطلبون فى حوادثكم من الأَصنام { إِلاَّ إِيَّاهُ } إِلا الله سبحانه وتعالى فإِنه يحضر فى قلوبكم حينئذ فتدعونه وحده لأَنكم تعلمون أنه لا يكشف ذلك الضر إلا هو، ويجوز أن يكون المعنى غاب ما تدعونه عن غاثتكم من الأَصنام إلا الله، وقد علمت من إِيقاع من على الأَصنام أن الاستثناء منقطع فى وجهين، ويجوز أن بقاعها على ما يدعونه مطلقاً بحيث يعم الظاهر اللفظ الله جل جلاله وتلك الأَصنام، على أنهم قد يدعون الله فيكون الاستثناء متصلا. { فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلى البرِّ } من الغرق { أعْرَضْتُمْ } عن التوحيد وأقبلتم على الأَصنام، ويجوز أن يكون المعنى كفرتم كفراً عريضاً أى واسعاً كقول ذى الرمة يذم شخصاً
عطاء فتى تمكن فى المعالى فأعرض فى المكارم واستطالا   
أى اتسع فى كفران المكارم بعد شكرها، واستطال فى كفرانها. { وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُوراً } جاحد للنعم جحوداً عظيماً كثيراً بعدم الشكر والإِنسان الجنس، وفى هذا إِيماء لعلة الإِعراض كأَنه قيل أعرضتم لإِنسان كفور.