الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِٱلنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا ٱلرُّءْيَا ٱلَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَٱلشَّجَرَةَ ٱلْمَلْعُونَةَ فِي ٱلقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً }

{ وَإِذْ } أى واذكر { قُلْنَا لَكَ }. " وروى أنه - صلى الله عليه وسلم - شكا إِلى الله تعالى أمر قومه، يا رب تخوفت فاعطنى آية على أن لا مخافة على. فقال ائت وادى كذا وفيه شجرة تدعو غصناً منها ففعل، فجاءه الغصن يشق الأَرض حتى وقف بين يديه، فحبسه ما شاء الله أن يحبسه ثم قال ارجع كما جئت، فرجع. فقال - صلى الله عليه وسلم - يا رب لا مخافة على " ، وقيل أحاط بضلال الناس واهتدائهم فلا تهتم بكفر من كفر. { إِنَّ رَبَّكَ أحَاطَ بِالنَّاسِ } أحاط بهم علمه وقدرته فهم فى قبضته لا يتصرفون بما يريد فبلغ الرسالة ولا تخف فإِنه يعصمكم من الناس. قاله السدى والحسن والطبرى فذلك إِشارة إِلى نحو قوله والله يعصمك من الناس، ويجوز أن يكون المراد بالناس قريشاً والإِحاطة بهم إهلاكهم يوم بدر، يقال أحاط العدو بفلان تريد أنهم قتلوه، فالتعبير بالماضى لتحقق الوقوع بعدو لا بد، فإِن الآية مكية وإِهلاكهم بعد الهجرة أو إحاطته بهم أنه أوعد إِهلاكهم وأنهم كالإِنسان المحبوس فى بيت أحاط به جدره، يقتل إِذا جاء وقت قتله، وذلك إِشارة إِلى نحو قوله سيهزم الجمع وقوله قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون، وكان يوم بدر فى العريش مع أبى بكر يدعو اللهم إنى أسالك عهدك ووعدك، ثم خرج وعليه درع يحرض الناس ويقرأ سيهزم الجمع ويولون الدر وأراه الله تعالى مصارعهم فى المنام حين ورد ماء بدر ونام، وكان يقول هذا مصرع فلان غدا، هذا مصرع فلان غدا، فسمع قريش فضحكوا واستهزءوا واستعجلوا، وإلى هذه الرؤيا أشار الله سبحانه وتعالى بقوله { وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِى أرَيْنَاكَ } إِياها وهى إراءتهُ إِياه فى المنام مصارع القوم. { إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ } أهل مكة فى دين الله إِذ تضاحكوا واستهزءوا واستعجلوا هكذا قيل، والأَشهر أن جبريل أراه مصارعهم فى اليقضة، وقيل إنه رأى فى المنام قوماً من بنى أُمية يتداولون منبره كما تداول الكرة، وقيل يثبون على منبره كما تثب القردة فساءه ذلك، واستيقظ وفسرها بأَن ذلك حضر بنى أُمية يعطونه بإِسلامهم وعليه فالمراد بالفتنة ما حدث فى أيامهم للناس عموماً من الزلل والضلال فى القتال والملك وغيرهما. وقال ابن عباس المراد ما رأى النبى - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية أنه دخل مكة هو وأصحابه فعجل السير إِلى مكة قبل أن يؤمر به فصده المشركون من الحديبية فرجع للمدينة فافتتن بعض المؤمنين بوسواس الشيطان أنه ليس نبياً، إِذ كان أخبرهم أنه يدخلها فلم يدخلها ودخلها فى العام المقبل واعترض هذا القول بأَن الآية مكية وقصة الحديبية مدنية وأُجيب بأَنه رأى الرؤيا بمكة وحكاها عام الحديبية.

السابقالتالي
2 3 4 5