الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا قَرَأْتَ ٱلْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً } * { وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِيۤ ءَاذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي ٱلْقُرْءَانِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَىٰ أَدْبَٰرِهِمْ نُفُوراً }

{ وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاخِرَةِ } وهم منكرو البعث { حِجَاباً } ساتراً يستر عن فهم ما تقرأ فلا يفهمونه فهماً معتبراً وهو الحقيقى المتبوع بالعمل ولو فهموه بعض فهم، إِذ كان بلغتهم، وذلك الجعل ليس جبراً تعالى الله عنه ولكن تخليتهم وأنفسهم وما يختارون. { مَّسْتُوراً } عن الأَعين أى لا تراه الأَعين لأَنه حجاب غير حسى أو مستور بحجاب آخر، وذلك أن اختيارهم الضلالة حجاب ساتر لهم عن فهم ما يقرأه عليهم، فهم لا يفهمونه، وهذا الحجاب أحاط به حجاب آخر هو أنهم لا يعلمون أنهم غير فاهمين ولو علموا أن الحق فيما يقرأ وأنهم لم يفهموا لالقوا أفهامهم إِليه لعلهم يفهمون أو حجاباً مستوراً ما جعل حجاباً عنه عن أن يدرك فكأَنه قيل حجباً مستوراً محجوبه فحذف المضاف، ومستوراً فى ذلك كله اسم مفعول ويجوز أن يكون المعنى حجاباً ساتراً فيكون النعت للتوكيد، ومستور على هذا إِما مجاز مرسل لعلاقة الاشتقاق وإِن شئت فقل لعلاقة التعلق إِذ أطلق اسم مفعول على معنى فاعل لاجتماعهما فى مادة واحدة فى الاشتقاق أو تعلق الحجب بالمحجوب كتعلقه بالحاجب، وإما مجاز فى الإسناد حيث أسند للمفعول وهو المحجوب عنه والذى له هو كونه مستوراً إِلى الفاعل وهو الحجاب، رويت فى التلخيص سيل مفعم بفتح العين أى مملوء وإِنما المملوء الوادى لا السيل وإِما للنسب أى ذا ستر، كما قيل فى قوله عز وعلا وعده مأتيا فإِن مأَتيا اسم مفعول أصله مأتوى كمنصور ومرحوم اجتمعت الواو والياء وسكنت السابقة فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء فى الياء وقلبت الضمة كسرة أى ذا إتيان فكأَنه قيل إتياء، ويأْتى كلام فيه إِن شاء الله وقيل الآية فى حفظ الله سبحانه وتعالى نبيه عمن أراد به سوءاً من قتل أو جرح، إِذا قرأ القرآن منعه الله به من ذلك وجعل بينه وبين مريد ذلك حجاباً مستوراً، أى حجاباً محجوباً عن الأَعين أو حاجباً ونحو ذلك مما أمكن من الأَوجه السابقة. " روى سعيد بن جبير أنه قال لما نزلت { تبت يدا أبى لهب } جاءت امرأة أبى لهب ومعها حجر والنبى - صلى الله عليه وسلم - مع أبى بكر فلم تره. فقال له أين صاحبك، لقد بلغنى أنه هجانى. فقال أبو بكر والله ما ينطق بالشعر ولا يقوله. فرجعت تقول كنت جئت بهذا الحجر لأُرضخ رأْسه، فقال أبو بكر ما رأتك يا رسول الله. فقال لم يزل ملك بينى وبينها " ، والحديث مذكور فى سير الغزوات وغيرها وفى الهمزية وشروحها ذكره، وقد توجه أناس للفتك به فمنعهم الله وكان يقرأ فى المسجد الحرام ويصلى فيه ظاهراً محفوظاً بحفظ الله جل جلاله ويؤيد التفسير الأَول قوله عز وعلا { وَجَعَلْنَا عَلىَ قُلُوبِهِمْ } الخ.

السابقالتالي
2