الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ ٱلْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً } * { إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً }

{ وَلاَ تَجْعَلْ يَدَك مَغْلُولَةً } مربوطة بالقيد. { إِلى عُنُقِكَ } لا تمسك عن الإِنفاق فى الخير والمباح كل الإِمساك كالذى ربطت يده إِلى عنقه لا يطيق أن يمدها بالإِعطاء فهذا تمثيل لمنع الشحيح. { وَلاَ تَبْسُطْهَا } فى الإِنفاق. { كُلَّ الْبَسْطِ } فتعطى جميع ما عندك كالذى لا تنقبض كفه على شئ ولا يطيق قبضها فكان لا يحفظ بها شيئاً وهذا تمثيل لإِسراف المبذر فإِن المبالغة فى الإِعطاء هكذا إِسراف ولو فى الخير، وتانك قضيتان سالبتا عموم فأَفادتا أنه مأْمور بأَن يمسك عن الإِنفاق بعض الإِمساك، ويبسط به بعض البسط فذلك هو التوسط المسمى بالكرم لا شح ولا تبذير. قال جابر بن عبد الله " أتى صبى فقال يا رسول الله إِن أُمى تستكسيك درعاً أى قميصاً ولم يكن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِلا قميصه. فقال - صلى الله عليه وسلم - عد إِلينا بعد ساعة، والمروى من ساعة إِلى ساعة يظهر فعد إِلينا، أى أخر سؤالك من ساعة ليس لنا فيها درع إِلى ساعة يظهر لنا فيها درع فعاد إِلى أُمه. فقالت له قل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن أُمى تستكسيك الدرع الذى عليك، فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - داره ونزع قميصه وأعطاه وقعد عريان، وأذن بلال للصلاة وانتظروه فلم يخرج فاشتغل قلوب أصحابه فدخل عليه بعضهم فوجدوه عريان ولم يرى عورته، فنزل قوله سبحانه وتعالى { ولا تجعل يدك مغلولة إِلى عنقك ولا تبسطها كل البسط } " { فَتَقْعُدَ } تصير أو تلبس مثل ما مر { مَلُوماً } عند الله تبارك وتعالى لأَنه لا يحب الشح ولا الإِسراف وعند الناس فإِن المحتاج منهم يقول أعطى فلاناً وحرمنى، والغنى يقول ما يحسن تدبير المعيشة إِذا أعطى حتى لم يبق شيئاً لنفسه وعند نفسك إِذا احتجت فلم تجد كفافاً فتندم، وقيل أعطى الأَقرع ابن حابس وعيينه بن حصن مائة مائة فجاء العباس بن مرداس وقال
أتجعل نهبى ونهب العبيد بين عيينة والأَقرع وما كان حصن ولا حابس يفوقان شيخى فى مجمع وما كنت دون امرئ منهما ومن تضع اليوم لا يرفع   
فقال - صلى الله عليه وسلم - لأَبى بكر اعطه مائة من الإِبل. فنزلت الآية، والعبيد فهو الشاعر وشيخه أبوه مرداس كما صرح به فى رواية هكذا يفوقان مرداس فى مجمع وكان قد أعطاه قبلهما خمسين فمعنى اعطه مائة أتم له مائة، وذكر هذه القصة الشيخ خالد فى التصريح، وذكرت فى غيره من كتب النحو والفقه والحديث. وملوماً اسم مفعول اصله ملؤوم بواوين كمنصور ثقلت ضمة الواو فنقلت اللام فحذفت إحدى الواوين على الخلاف.

السابقالتالي
2