الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَتَّخِذُوۤاْ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُواْ ٱلْسُّوۤءَ بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } * { وَلاَ تَشْتَرُواْ بِعَهْدِ ٱللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً إِنَّمَا عِنْدَ ٱللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } * { مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُوۤاْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }

{ وَلاَ تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ } كرر النهى عن اتخاذ الإِيمان تأْكيدا عليهم ومبالغة فى تقبيح ذلك وتعظيم أمره ولكن بين النهيين مخالفة فالأَول بالتضمين والعرض لأَنه ذكر اتخاذ الإِيمان دخلا فى الكلام الأَول بعبارة تجعل حالا مما تسلط عليه النهى كما مر والثانى بالتصريح والذات لإِدخال ذات النهى على مادة الاتخاذ وذلك من باب الترقى فمن لم ينتبه بالأَول تنبه بالثانى ومن تنبه به ازداد بالثانى ورسخ فيه وقيل الأَول فى نقض مطلق العهد والإِيمان والثانى فى نقض بيعة الإِسلام بعد الدخول فيه والسياق اللاحق أنسب به وهو زلل القدم بعد الثبوت وذوق السواء بالصد عن سبيل الله عز وجل وثبوت العذاب العظيم كما قال. { فَتَزِلَّ } تزلق { قَدَمٌ } عن طريقة الإِسلام الواضحة والمراد فتزل أقدامكم بالجمع والتعريف بالإِضافة ولكن أفرد ونكر للدلالة على أن زلل قدم واحدة عظيم فكيف بزلق قدمى الإِنسان معاً أو على أن من زلقت له قدم واحدة لا ينتفع بالأُخرى فى نفس ذلك الزلق فكيف يزلق قدمين أو على أن هلاك الإِنسان واحد أمر عظيم فكيف بجمع عظيم. { بَعْدَ ثُبُوتهَا } على طريقة الإِسلام الواضحة شبه الخروج إِلى النفاق والشرك عن الإِسلام بزلق القدم فى نحو الأَرض المبتلة التى تزلق الأَقدام والعرب تقول لمن وقع فى بلاء بعد عافية زلت قدمه { وَتَذُوقُوا السُّوءَ } وقرىء بفتح السين وإِسكان الواو حياً أى العذاب فى الدنيا بالقتل والسلب والغنيمة، { بِمَا صَدَدتُّمْ } ما مصدرية أى بصدكم أى بإِعراضكم وبمنعكم غيركم { عَن سَبِيلِ اللهِ } الذى هو الإِسلام أو الوفاء بالعهد والإِيمان ومن نقض عهد الإِسلام فقد جعل النقض سنة لغيره { وَلَكُمْ } فى الآخرة، { عَذَابٌ عَظِيمٌ } على زلل القدم زين الشيطان نعوذ بالله منه لقوم أسلموا بمكة أن ينقضوا عهد الإِسلام لجزعهم من غلبة قريش واستضعاف المسلمين وإِيذائهم ولما يعدهم قريش على النقض ويوعدونهم على الوفاء فثبتهم الله عز وجل بذلك والله أعلم. قدم وفد كنده وحضرموت على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فبايعوه على الإِسلام وإِقام الصلاة وإِيتاء الزكاة ولم يهاجروا فيما قيل ولعله قبل نزول فرض الهجرة لما ظهر أن المراد لم يهاجروا من بلادهم ثم " إِن رجلا من حضرموت قام فتعلق برجل من كندة يقال له امرؤ القيس. فقال يا رسول الله إِن هذا جاورنى فى أرضى فقطع طائفة منها فأدخلها فى أرضه. فقال له رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ هل لك بينة على ما تزعم. فقال له القوم كلهم يعلمون أنى صادق وأنه كاذب ولكنه أكرم عندهم عنى. فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يا امرؤ القيس ما يقول هذا. قال ما يقول إلا الباطل. قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقم فاحلف بالله الذى لا إِله إِلا هو، ما له قبلك شىء مما يقال وإِنه لكاذب فيما يقول. قال نعم. قال الحضرمى يا رسول الله إِنه رجل فاجر لا يبالى بما حلف عليه. فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إِنه من قطع مال رجل مسلم بيمين كاذبة أتى الله وهو عليه ساخط، فقام امرؤ القيس يحلف فنزل قوله تعالى { وَلاَ تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللهِ } "

السابقالتالي
2 3 4