الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْخَيْلَ وَٱلْبِغَالَ وَٱلْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }

{ وَالْخَيْلَ } اسم جنس لا واحد له من لفظه عطف على الأَنعام والإِنسان قيل سميت خيلا لاختيالها فى مشيتها { وَالْبِغَالَ } جمع بغل { وَالْحَمِيرَ } جمع حمار أو اسم جمع له قولان والتقدير وخلق لكم الخيل والبغال والحَمير { لِتَرْكَبُوهَا } لم يقل ركوباً بالنصب على أنه مفعول لأَجله لاختلاف فاعله وفاعل الخلق وزمانهما فإِن فاعله الله سبحانه وتعالى وزمانه متقدم وفاعل الركوب الناس وزمانه متأَخر أو إِذ لا تركب فى حين خلقت لاتحاد الفاعل والزمان فى قوله { وَزِينَةً } انتصب على أنه مفعول لأَجله وهو مصدر زانه فإِن فاعل الخلق وفاعل الزينة الله جل جلاله فإِنه زان الناس بها أى أبهاهم وأجملهم بها وزمان الخلق خارجاً وزمان زينة إياهم بها واحداً فلها زينة ولو فى حال صغرها ونصب بمحذوف أى وخلقها زينة لا بالعطف على محل لتركها لأَن محله لا يظهر فى الفصيح خلافاً لبعض ولو جر زينة باللام لجاز وطابق ما قبله لكن خولف بينهما لأَن المقصود الركوب وأما التزيين بها فإِنما يحصل بالعرض وكل منهما معلوم لله بلا أول ويجوز كون زينة اسم مصدر بمعنى التزين فيكون مفعولا مطلقاً لمحذوف أى ولتزينوا بها زينة ويجوز كونه بمعنى ما يتزين به فيكون حالا عاملها وصاحبها محذوفان أى خلقها زينة أو لمفعول لمحذوف أى وجعلها زينة وقرئ زينة بغير واو وهو مفعول لأَجله ناصبة تركت أو حال من الواو أو من قوله ها أى لتركبوها متزينين أو لتركبوها متزينا بها، فهى مصدر بمعنى اسم فاعل أو اسم مفعول، واستدل ابن عباس ومالك وأبو حنيفة بالآية على تحريم لحم الخيل والبغال والحمير إِذ علل خلقها بالركوب والزينة ولم يذكرها للأَكل بعد ذكر الأَنعام للأَكل ولا دليل فى ذلك لأَنه لا يلزم من تعليل الفعل بما يقصد منه غالباً وهو هنا الركوب والزينة أن لا يقصد منه غيره أصلا وهو هنا أكل لحمها مثلا والإِلزام تحريم حمل الأَثقال على الخيل والبغال والحمير حيث ذكر فى الأَنعام دونها ولأَن الآية مكية وعامة المفسرين والمحدثين على أن الحمر الأَهلية حرمت عام خيبر وهو بعد الهجرة بأَكثر من ست سنين، وعن أسماء بنت أبى بكر رضى الله عنهما نحرنا على عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فرساً ونحن بالمدينة فأَكلناه، وكذا ذكر عطاء عن جابر ابن عبد الله أنهم كانوا يأْكلون الخيل على عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعنه نهانا زمان خيبر عن أكل البغال والحمر الأَهلية وأذن لنا فى الخيل وعن الحسن نهى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن لحوم الحمر الأَهلية وألبانها وحجة الحسن وسعيد بن جبير والشافعى وأحمد وإِسحاق وابن الزبير وأنس فى إِباحة لحم الخيل بلا كراهة ما ذكر ويجاب من جانبهم على الآية بما مر من أنه لا يلزم من التعليل بما يقصد غالباً أن لا يقصد غيره وبأَنه لم يعرفوا أكل الخيل لعزتها فخوطبوا بما عرفوه منها من ركوب وزينة، كما اقتصر فى الأَنعام على الأَكل والحمل لأَنهما الغالب والثالثة ولو كان سياقها فى الآية واحدا لكن خصت السنة الخيل منها بالخيلة وإِن قيل لو أبيح أكلها لفاتت المنفعة بها فيما وقع به الامتنان فى الركوب والزينة قيل لو لزم من الإِذن فى أكلها أن تغنى للزم مثله فى البقر وغيرها مما أُبيح أكله ورفع الامتنان به.

السابقالتالي
2 3