الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ فَٱسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَآءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }

{ ثُمَّ كُلِى مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ } أى التى تشتهيها لأَن من الثمرات ما لا تأْكله فهو كقوله تعالى تدمر كل شىء أى كل شىء أُمرت به فخرج ما لم تؤمر به كالجبال فإِن الريح لم تدمرها، أو المراد بكل الثمرات أنواعها كحلو ومر وأصفر وأبيض وأحمر أو المراد أنه أبيح لك كل ثمرة فكلى ما شئت وذكر بعض أنها إِذا طارت ارتفعت ونزلت على الأَماكن النظيفة وأكلت نوار الزهر والأَشياء الحلوة وشربت من الماء الصافى ثم أتى فأخرج ذلك فأَول ما يخرج الشمع ليكون كالوعاء ثم العسل. { فَاسْلُكِى } ادخلى. { سُبُلَ رَبِّكِ } أى طرقه فى طلبك المرعى، { ذلُلاً } جمع ذليلة على تأْنيث السبيل أو دليل على تذكيره أو تَأنيثه لأَن ذليلا فعيل بمعنى فاعل يصلح للمؤنث ولو بلا تاء والنصب على الحال من السبل أى ادخلى طرق المرعى غير مستصعبة عليك ولا عسرة بل سهلة مسخرة ولو توعرت ولا تضل عن مكانك إِذا رجعت عنها ولو بعدت ذكروا أنها ربما أجذبت عليها ما حولها فتسافر إِلى البلد البعيد فى طلب المرعى أو فاسلكى الطرق التى الهمك فى عمل العسل حال كون تلك الطرق غير مستصعبة عليك بل يسهل عليك عملها أو اسلكى من سلك المتعدى والسبل مسالك المرعى فى بطونها التى يستحيل فيها النور المر مثلا بقدرة الله سبحانه وتعالى أى أدخلى بفتح الهمزة وكسر الخاء ما أكلت فى مسالكه التى يستحيل فيها عسلا حال كون تلك المسالك غير مستصعبة وبجواز كون ذلك على تلك الأَوجه كلها حالا من الياء جمع ذليل أو ذليل وعلى وجه آخر وهو مطاوعتها الله عز وجل فيما أمرها به ولأربابها وانقيادها لهم حتى أنهم ينقلونها من مكان لآخر من مكان إلى مكان ولا تستعصى، قال ابن زيد يخرجون بالنحل يطلبون المرعى وهى تتبعهم، { يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ } هو العسل لأَنه مما يشرب عدل عن خطاب النحل إِذ لم يقل واخرجى من بطونك شراباً بفتح الهمزة وكسر الراء وألقى الكلام عنها إِلى الناس لأَنه محل الإِنعام عليهم والمقصود من خلق النحل وإِلهامه والظاهر من الآية أن ما تَأكل يستحيل فى بطونها عسلا ثم تخرجه من بطونها لكن من فمها كاللعاب ولذلك يسمى فى الزنابير قئ الزنابير قال بعضهم تأْكل الأَزهار والأَوراق العطرة فتستحيل فى باطنها عسلا ثم تقئ ادخاراً للشتاء ويدل ذلك أنه يوجد طعم ما تأكل وريحه قيل ولونه فى العسل وذلك قول الجمهور، وقال بعضهم إِنه يخرج من غير فمه وعلى كل من القولين أصله ما تَأْكل يستحيل عسلا ويدل له قصة المغافير التى سأذكرها إِن شاء الله فى سورة التحريم من

السابقالتالي
2 3