الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِن ثَمَرَاتِ ٱلنَّخِيلِ وَٱلأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }

{ وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ } عطف على مما فى بطونها كأَنه قيل ونسقيكم من ثمرات النخيل والأَعناب عصيراً أو نسقيكم من عصير ثمرات النخيل والأَعناب أو متعلق بنسقيكم المحذوف مستأْنفاً والمراد ما يتخذ من ذلك من أنواع الخمر والخل كما استأْنف فى بيان ذلك قوله { تَتَّخِذُونَ مِنْهُ } أى مما ذكر وهو الثمرات أو من الثمرات لأَنه فى معنى الثمر والثمر يجوز إِفراده وتذكيره أو من العصير الذى قدر مفعولا أو مضافاً للثمرات كما رأيت ويجوز أن يتعلق من ثمرات بتتخذ محذوفا على الاشتغال أى وتتخذون من ثمرات النخيل والأَعناب تتخذون منه أى مما ذكر أو من الثمرات بمعنى الثمر أو من العصير المقدر مضافا للثمرات أو يتعلق بيتخذ المذكور بعده ومنه تأْكيد لفظى أو بمحذوف خبر لمبتدأ موصوف بتتخذون أو موصول به أى ومن ثمرات النخيل والأَعناب ثمر تتخذون منه أو ما تتخذون منه أو يقدر هكذا ولكن من ثمرات النخيل والأَعناب ثم تتخذون منه أو ما تتخذون منه فيتعلق من ثمرات باستقرار لكم والإِشكال فى هاء منه على هذه الأَوجه الأَربعة { سَكَراً } خمراً سميت باسم المصدر. { وَرِزْقاً حَسَناً } الأَشربة المتخذة من التمر والعنب كالخل والرب والنبيذ أو السكر الخمر والرزق الحسن تلك الأَشربة ونحوها وما يدخر من التمر والزبيب أى تتخذون من ثمرات النخيل والأعناب خمراً ونفقة حسنة هى ما أبقى تمرا أو زبيباً وما عمل شراباً، وتفسير السكر بالخمر لقول ابن مسعود وابن عمر والحسن وسعيد بن جبير ومجاهد والنخعى وابن أبى ليلى والزجاج وابن قتيبة وهو قول الجمهور، وبه قال ابن عباس وصححه ابن العرابى وإن قلت فى الآية امتنان والخمر محرمة كيف يمتن بها. قلت قال بعض إِنها قبل تحريم الخمر فتلحيل الخمر فيها منسوخ ولا يرد على ذلك أن ذلك إِخبار ولا يدخله النسخ لأَن المنسوخ ما تفهمه الآية من إِباحة الخمر وأيضاً هى بمنزلة قولك اشربوها فإِنها حلال وهذا غير خبر، قال ابن العرابى الصحيح أن ذلك قبل تحريم الخمر فإن هذه الآية مكية باتفاق العلماء وتحريم الخمر مدنى انتهى، وحرمت فى سورة المائدة وبذلك قال الشعبى والنخعى أو الآية جامعة بين العتاب والمنة على تقدير أنها نزلت بعد التحريم، قال القاضى إِن نزلت قبل تحريم الخمر فدالة على كراهيتها وإِلا فجامعة بين العتاب والمنة. ا هـ. وفى دلالتها على الكراهة بعد وخفاء ولا مانع عندى من أن تكون امتناناً بعد التحريم بما قد حل لهم قبل وقيل السكر النبيذ وهو عصير العنب والزبيب والتمر إِذا طبخ حتى يذهب بلبابه ثم ينزل حتى يشتد وهو حلال عندنا وعند أبى حنيفة وأبى على الجبائى شيخ الزمخشرى وعند الضحاك والنخعى وقيل السكر الطعم فإِن السكر فى كلام العرب أيضاً ما يطعم ورجحه الطبرى، وبه قال أبو عبيدة يقال هذا سكر لك أى طعم لك وقيل ما يسد الجوع من قولك سكرت النهر أى سددته وسكر الله عنى بمنه وكرمه باب الشر أى غلقه وعلى هذه الأَقوال الثلاثة يكون الرزق الحسن أثمان الثمرات أو هو سائر الأَشربة غير النبيذ على تفسير السكر بالنبيذ أو سائرها مع ما يدخر من ثمار للأَكل أو هو الأَشربة على تفسير السكر بالطعم وعلى تفسيره بما يسد الجوع وما صدقهما واحد وذكر الموافى أن السكر الخل بلغة الحبشة ويجوز أن يكون السكر والرزق الحسن شيئاً واحداً بمنزلة عطف الصفة كما تقول جاء زيد العلامة والورع، تريد بالعلامة والورع زيداً كأَنه قيل تتخذون منه ما هو سكر ورزق حسن، { إِنَّ فِى ذَلِكَ } المذكور وهو الثمار وما يتولد منها { لآيَةً } دلالة واضح.

السابقالتالي
2