الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }

{ الَّذِينَ } نعت للمتقين أو بدل أو بيان أو مفعول لمحذوف أو خبر لمحذوف { تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ } تعصر أرواحهم وتجمعهم إِلى الجنة كما مر { طَيِّبِينَ } طاهرين من ظلم أنفسهم بالكفر والمعاصى لأَن هذا مقابل لقوله ظالمى أنفسهم فكأَنه قيل يموتون وهم مسلمون مجتنبون للكفر مؤدون للفرائض وقيل طيبهم كناية عن ذلك كله وعن اجتناب المكروهات وقيل طيبهم فرحهم وسرورهم واطمئنانهم عند الموت بالبشارة بالجنة وتسهيل سكرات الموت أو فرحهم بلقاء الله شوقا إِليه { يَقُولُونَ } أى يقول الملائكة عند الموت حال من الملائكة والرابط الواو أو حال ثانية من الهاء أو حال من المستتر فى طيبين وعليهما فالرابط الضمير المحذوف فإِن التقدير على كل حال يقولون لهم { سَلاَمٌ عَلَيْكُمُ } هو أو منهم أو من الله سبحانه وتعالى والمعنى لا ترون مكروها ذكر محمد بن كعب القرطبى وغيره أن الملك يأتى المؤمن فى الموت فيقول سلام عليك يا ولى الله الله يقرئك السلام ويبشره بالجنة { ادْخُلُوا الْجَنَّةَ } بأَبصاركم فإن المؤمن يفتح له باب إِلى الجنة عند موته فيرى منزله كما عند قبره أو بأَرواحكم فإِن أرواح المؤمنين فى أجواف طير خضر ترعى فى الجنة أو المعنى أبشروا بدخولها أو المراد تقريب الدخول الآتى يوم القيامة أو التوفى الحشر للجنة كما مر فيكون هذا وما قبله بعد البعث فيكون الدخول حقيقة بالأَجساد أو يقدر القول أى يقولون لهم يوم القيامة ادخلوا الجنة { بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } أى بسبب الأَعمال التى وفقكم الله إِليها منا منه وفضلا وليس المراد أن الأَعمال موجبة لدخول الجنة فإِنه لا واجب على الله عندنا معشر الأَباضية والمالكية والشافعية والحنفية والحنبلية ولأَن دخولها يكون بمجرد العلم بل يفضل الله كما ورد فى الحديث " أنه لا يدخل الجنة أحد بعمله لوانا إِلا بفضل الله ورحمته " أى لا يكون متأَهلا للجنة بعمله بل يدخلها من يدخلها بفضل الله ورحمته فلا منافاة بين الآية والحديث ولو أُدخل الجنة أو النار الناس كلهم لكان عدلا وصوابا كذا قيل والذى أقول إِن حكمته اقتضت دخول المطيع الجنة والعاصى النار وزعمت المعتزلة أو بعضهم أن الأَصلح واجب على الله وإِن أعمالهم توجب الثواب ويجوز أن يكون معنى الآية ادخلوا الجنة مقتسمين لها بحب أعمالكم ورد فى بعض الأَخبار أن الله سبحانه يقول ادخلوا الجنة برحمتى واقتسموها بأَعمالكم وإِنه يكون للولى درجات ما بين الدرجتين ما بين السماء والأَرض وإِن العبد ليرفع بصره فيلمع برق يكاد يخطف البصر فيقول ما هذا فيقال نور أخيك فيقول أخى فلان، فيقال نعم فيقول كنا نعمل فى الدنيا جميعا وقد فضل علىَّ هكذا فيقال له كان أحسن منك عملا ثم يجعل فى قلبه الرضى حتى يرضى والمشهور أنه بعد دخول الجنة لا يخطر فى القلب كراهة تفضيل أحد عليه.