الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ } * { وَٱصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِٱللَّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ }

{ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ } فكفر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن يمينه، فقال بل أصبر. فقال للصحابة ما أنتم فاعلون. قالوا نصبر كما صبرت وكما ندبنا فلم يمثلوا بأحد. " روى أن هند بنت عتبة جاءت حمزة وقد جذع المشركون أنفه وقطعوا ذكره وشقوا بطنه فقطعت من كبده فمضغت ولم تطق أن تبلع، وقيل بلعت ما قطعته ولم يلبث فى بطنها حتى رمت به، فبلغ ذلك رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال أما لو أكلتها لم تدخل النار أبداً حمزة أكرم على الله من أن يدخل شيئاً من جسده النار " ، وأسلمت بعد ذلك، فكان قوله ذلك لظنه أنها تموت مشركة لا للجزم بأنها تموت مشركة لعلها مع إِسلامها تموت غير موفية به. وروى " أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ رأى عمه حمزة ـ رضى الله عنه ـ قد شق بطنه وجذع أنفه واصطلم أذناه فقال لولا أن تحزن النساء أو تكون السنة بعدى لتركته حتى يبعث من بطون السباع والطير، لأقتلن سبعين سيداً مكانه منهم ثم دعا ببرده فغطى بها وجهه فخرجت رجلاه فجعل عليهما شيئاً من الإِذخر فقدمه وكبر عليه عشراً وصلى عليه سبعين صلاة " ، وروى سبعين تكبيرة، وكان القتلى سبعين رجلا دفنهم من غير غسل ولا صلاة، كذا زعم بعض ولا غسل دم. روى " لما رأى حال عمهِ حمزة وقد مثلوا بِه بكى بكاءً شديداً ولم ير شيئاً أوجع لقلبه منهُ، فقال رحمة الله عليه كنت وصولا للرحم فعالا للخيرات ولولا حزن من بعدك عليك لسرنى أن أدعك أن تحشر من أجواف شتى، أما والله لأَن أظفرنى الله بهم لأُمثلن بسبعين منهم مكانك " وقيل قال بثلاثين، فنزلت الآية وذلك بالمدينة { وإِن عاقبتم فعاقبوا }.. إلخ. قال كعب أصيب من الأَنصار أربعة وستون رجلا ومن المهاجرين ستة، فقالت الأَنصار لأَن أصبنا منهم يوماً لنزيدن فى الفعل والمثلة، ولما كان فتح مكة أنزل الله تعالى { وإِن عاقبتم }.. الخ، فقالوا بل نصبر يا ربنا. وروى أن رجلا من المسلمين قال لا قريش بعد اليوم. فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ كفوا عن القوم إِلا أربعة والذى قتل حمزة هو وحشى كان غلاماً لجبير ابن مطعم بن عدى وكان عمه طعيمة بن عدى أصيب ببدر فلما سارت قريش إِلى أحد قال له إِن قتلت حمزة عم محمد بعمى فأَنت عتيق، قال وكنت حبشياً أقذف بالحربة قذف الحبشية ما أخطىء بها شيئاً فلما التقى الناس خرجت أنظر حمزة حتى رأيته فى عرض الجيش مثل الجمل الأورق يهد الناس بسيفه هداً، ما يقول له شىء فوالله إِنى لأتهيأ له وأستتر منه بحجر وشجر ليدنو منى إِذ تقدم إِليه سباع بن عبد العزى، فلما رآه حمزة قال له يا ابن مقطعة البطون فضربه والله لكأنما أطاح رأْسه وهززت حربتى فدفعتها إِليه فوقعت فى ثديه حتى خرجت من رجله وتركتهُ حتى مات فأخذت حربتى ثم رجعت إِلى الناس فقعدت فى العسكر ولم يكن لى بغيره حاجة وإِنما قتلتهُ لأُعتق ولما قدمت مكة عتقت وأقمت بها حتى فشا فيها الإِسلام فخرجت إِلى الطائف، فلما رجع منها قدم على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فرآه.

السابقالتالي
2 3 4