الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يُنبِتُ لَكُمْ بِهِ ٱلزَّرْعَ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلنَّخِيلَ وَٱلأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }

{ يُنْبِتُ } أى الله وقرأ أبو بكر ننبت بالنون على التعظيم وقرىء ينبت بالتحتية والتشديد والزرع وما بعده منصوبات وقرأ أبى بن كعب بتحتية مفتوحة وإِسكان النون وضم الموحدة ورفع الزرع وما بعده { لَكُم بِهِ الزَّرْعَ } ما يزرع كالبر والشعير والجزر واللفت { وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ } قدم ما يسيمون فيه من الشجر لأَنه يصير غذاء حيوانياً أشرف الأَغذية وهو اللبن وما يتولد منه واللحم والشحم ثم قدم ما يشتمل نحو البر والشعير لأَنه به قوام بدن الإِنسان ولو شمل أيضاً الفواكه التى تزرع ثم قدم الزيتون لأَنه إِنما هو إِدام للطعام ودهن ثم النخيل لأَن التمر غذاء وفاكهة ثم العنب لأَنه كالتمر فى التفكه والتغذية { وَمِن كُلِّ } أى وشيئا ثابتا من كل { الثَّمَرَاتِ } التى تعرفونها، هذا ما ظهر لى وهو أولى من قول بعضهم المعنى وبعض كل الثمرات معللا بأَنه لم ينبت فى الأَرض كل ما يمكن من الثمار لأَن كل الثمرات لا يكون إِلا فى الجنة وذكر الثمرات إجمالا بعد تفصيل فقد يقال أراد بالزرع ما يكون طعاماً فقط كالبر والشعير وكل ما فى الأَرض من الثمار فإِنما هو تذكير لثمار الجنة والمؤمن يعرف أن ثمار الجنة أفضل وتذكير لأَهل الجنة فى الجنة ما بين ثمار الجنة وثمار الدنيا من التفاوت { إِنَّ فِى ذَلِكَ } المذكور من إِنزال الماء وإِنبات الشجر والزرع وإِخراج الثمار { لآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } علامة واضحة ينتفع بها المتفكرون وهم المؤمنون تدلهم على وجود الله سبحانه وإِنه الفاعل لذلك باختياره لا غيره فلا يصح أن يكون غيره شريكا له وعلى كمال قدرته وحكمته وعلى قدرته على إِحياء الموتى إِذ كانت الحبة ميتة يابسة تقع فى الأَرض وتصلها التلاوة فينشق أعلاها فيكون منها ساق وأسفلها فيكون منها عروق وتنمو وتخرج منها أوراق وأزهار وأكمام وإِثمار فى اختلاف ألوان وأشكال وأطباع مع اتحاد الماء والأَرض والحر والبرد والريح ولعله فضل لذلك التنبيه العظيم بقوله إن فى ذلك لآية لقوم يتفكرون، بين قوله ينبت لكم به إِلى آخره وقوله { وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ }