الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ مَن كَفَرَ بِٱللَّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِٱلإِيمَانِ وَلَـٰكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }

{ مَن } بدل من الذين فى قولهإِنما يفترى الكذب الذين } الخ وما بينهما معترض أى إِنما يفترى الكذب من { كَفَرَ } من قلبه، { بِاللهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ } به كقيس بن ضبابة ممن ارتد بقلبه ولسانه وكان قد ارتد كذلك بلا إِكراه وليس من ارتد من قلبه بمعذور ولو أكره أو من يدل من أولئك أى ومن كفر بالله من بعد إِيمانه هم الكاذبون ومن الكاذبون أى وأُولئك هم من كفر بالله من بعد إِيمانه أو مفعول لمحذوف أو خبر لمحذوف. أى أعنى من كفر أو هم من كفر أو مبتدأ شرطية أو موصولة محذوفة الخبر، الجواب أى لهم عذاب شديد أو فلهم عذاب شديد، دل عليه قوله ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب { إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ } استثناء ممن كفر وهو متصل لأَن الكفر لغة يعم الكفر باللسان والكفر بالقلب والكفر بهما فاستثنى من كفر باللسان فقط لإكراه من لا يطيقه له على الافتراء، وكلمة كفر فإِنه لا بأْس عليه إِذا اطمأَن قلبه إِيماناً وخالف لسانه كما قال. { وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ } ساكن ثابت. { بِالإِيمانِ } لم تتغير عقيدته زعم بعض أن هذه الآية نسخ منها المستضعفون فأُبيح لهم بقوله تعالىإِلاَّ المستضعفين } وزعم بعض أن فى الآية من كفر بالله من بعد إِيمانه إِلا من أكره وقلبه مطمئن بالإِيمان فلا جناح عليه ولكن من شرح بالكفر صدراً من غير كره فعليهم غضب، وفى الآية دليل على أن الإِيمان هو التصديق بالقلب لكن لا بد من النطق بكلمة الشهادة مرة عند الجمهور حتى أنه غير خارج عن الشرك إِن لم ينطق بها عند الجمهور وقيل لا يشترط النطق بها وإِنما هو بإِجراء أحكام عليه ويعلم بأَنه مؤمن، وذكر النووى فى شرح مسلم أن أهل السنة من المحدثين والفقهاء والمتكلمين اتفقوا على أن من آمن بقلبه ولم ينطق بلسانه مع قدرته كان مشركاً، واعترض بأَن لكل من الأَئمة الأَربعة قولا، إِنه مؤمن عاص بترك التلفظ، بل الذى عليه جمهور الأَشاعرة وبعض محققى الحنفية أن الإِقرار شرك لإِجراء أحكام الدنيا، ومذهبنا اشتراط الإِقرار وعلى اشتراطه يكفى أن يسمع نفسه واتفق القائلون بعدم اشتراطه على اشتراط ترك العناد بأَن يعتقد أنه متى طولب به أتى به، وفى الآية أيضاً تصريح بأَن للمكره على الكفر أن يتلفظ به إِن اطمأَن قلبه بالإِيمان ترخيصاً من الله سبحانه والأَفضل أن يصبر على ما يحل به ولا يتلفظ إِعزازاً للدين، كما روى " أن مسيلمة الكذاب أخذ رجلين فقال لأَحدهما ما تقول فى محمد؟ قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال ما تقول فىَّ؟ قال أنا أصم. فأَعاد عليه ثلاثاً، وفى كل ذلك يقول أنا أصم، فقتله، فبلغ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذلك فقال أما الأول فقد أخذ برخصة الله تعالى، وأما الثانى فقد صدع بأَمر الله بالحق فهنيئاً له وقد أخذ بالأَفضل "

السابقالتالي
2 3 4