الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ ٱلْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِٱلْحَقِّ لِيُثَبِّتَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ }

{ قُلْ } لهم يا محمد { نَزَّلَهُ } أى القرآن { رُوحُ الْقُدُسِ } أى روح الطهر وهو جبريل وإِنما أُضيف اسمه وهو روح للقدس كما يقال حاتم الجود وزيد الخير وطلحة والأَصل الروح المقدس بالنعت ثم أُضيف للمصدر وقرأ ابن كثير بإِسكان الدال تحقيقا، والإِنزال والتنزيل معنى واحد والإِنزال عام والتنزيل خاص بالتدريج كما أن القرآن منزل بالتدريج على حسب المصالح مما يقتضى التبديل { مِن رَّبِّكَ } مقتضى الظاهر أن يقول من ربى فعدل عنه إِلى الخطاب تأسيا له وتقوية، فإِنما يفيده إِضافة رب إِليه بالخطاب أكثر مما يفيده إِضافته إِليه بالتكلم أو إِيذان بأَن له أن يعبر بما شاء إِذا خاطبهم بما أمر به مثل أن يقول من ربى أو من ربكم أو من الله أو من الرب وهو ذلك بحسب من يظهر له أنه يؤثر فيهم بخلاف ما لو قالوا له قل نزله روح القدس من ربى فإنه نص فى أن يقول من ربى بالإِضافة للياء فقط أو خاطب بذلك من يصلح أى قل يا محمد نزله روح القدس من ربك يا أبا لهب أو يا أبا جهل ونحو ذلك فمن يقول أنت مفتر { بِالْحَقِ } ملتبسا بما هو صحيح وحكمه { لِيُثَبِّتَ } روح القدس { الَّذِينَ آمَنُوا } به فيزدادوا إِيمانا ويرسخ الإِيمان به فيهم بل المؤمن يزداد يقينا بنفس النسخ إذا تدبر رعاية الصلاح والحكمة { وَهُدًى وَبُشْرَى } بالنصب على التعليل عطفا على معنى يثبت وذلك لأَن فاعل التثبيت والهداية والتبشير وهو روح القدس تثبيتا للذين آمنوا بالنصب فصح بذلك من قبيل عطف التوهم فى غير القرآن أو هما بالجر عطف على المصدر أو بالرفع أى هود والمجرور باللام { لِلْمُسْلِمِينَ } المنقادين لحكمه وهم الذين آمنوا المثبتون وعبر عنهم بالمسلمين لا بالضمير يصفهم بالانقياد للحكم، وفى الآية تعريض بأَن ضد الهدى والبشرى الضد المؤمنين المسلمين وفسره ليثبت بإِسكان الثاء المثلثة وتخفيف الموحدة بعدها.