الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ هُوَ ٱلَّذِي أَنْزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ مَآءً لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ }

{ هُوَ الَّذِى أنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً } الوقف هنا ويستأنف بقوله { لَّكُم } متعلق بمحذوف خبر { مِّنْهُ } متعلق بما تعلق به الأَول أو بالأَول لنيابته عن المحذوف حال من ضمير الاستقرار فى الأَول وهى للابتداء أو للتبعيض وأُجيز تعليقها بشراب { شَرَابٌ } مبتدأ أو يكون الوقف على قوله لكم فيعلق بأَنزل ويعلق منه بمحذوف خبر وشراب مبتدأ وقدم منه على هذا الوجه للحصر فإِن الشرب ولو كان يقع أيضاً من العين والبئر لكنه لا ماء فى الأَرض إِلا وقد نزل من السماء { وَمِنْهُ شَجَرٌ } هذا يقوى أن يكون لكم فيستأْنف منه شراب ومنه شجر وإما على الوجه الأَول وهو الوقف على ماء فإِما أن يقدر ولكم منه شجر وإِما أن يقال غير الأَسلوب لأَن الشراب أهم ومعنى كون الشجر من الماء أنه ينبت به والمراد الشجر الذى ترعاه الماشية بأَفواهها أو بهش الراعى عليها ويدل لذلك ذكر الإِسامة فيه عقب هذا، ويحتمل أن يريد مطلق الشجر فمعنى الإِسامة فيه الإِسامة فى مجموعه بعضه تَأكله الماشية وبعضه لا وكذا الشراب المراد منه ما يشرب من المياه أو مجموع الماء وفائدة المجموع فى الموضعين إِنما لا منفعة فيه بشربكم أو شرب دوابكم من لاماء وما لا منفعة فيه لهن من الشجر فيهما منافع لغير ذلك والشجر ما له ساق من النبات وقيل كل نبات واستدل له الزجاج بقول الشاعر
يعلفها اللحم إِذا عز الشجر والخيل فى إِطعامها اللحم ضرر   
وفى رواية اضجر أراد الشاعر أن اللائق أن تسقى اللبن إِذا عز الشجر لا أن تطعم اللحم، والتحقيق عندى أن الشجر فى البيت ماله ساق لا تناله الماشية بفمها دليل قوله يعلفها، وفسر قتادة الشجر فى الآية بالحشيش. قال عكرمة لا تأكلوا من الشجرة يعنى نبات المطر فإِنه سحت { فِيهِ تُسِيمُونَ } ترسلون مواشيكم للرعى فيه سامت الماشية رعت فهى سائمة وأسامها صاحبها رعاها وكذلك من السومة وهى العلامة لأَنها إِذا رعت بقى أثرها فى الأَرض من وضع حافرها وظلفها وخفها وبعر وبول وبقى أثرها فى النبات يرى مقطوفاً ومقلوعاً ومكسوراً وضد السائمة التى يؤتى لها بالعلف.