الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ }

بسم الله الرحمن الرحيم { أَتَى أَمْرُ اللهِ } توجه إِليكم وشرع فى المجيء إِليكم أو حضر وعلى هذا الوجه فإِنما عبر بذلك لأَنه يقع لا محالة فكأَنه قد وقع وحضر وهو قيام الساعة أو عذاب الآخرة المترتب على الموت أو على البعث وذلك أن الكفار كذبوا بالساعة والبعث وعذاب الآخرة وقالوا أيان مرساها وقالوا متى هذا الوعد، وروى أنه لما نزل اقتربت الساعة قالوا إِن هذا الرجل يزعم أن القيامة قربت فأمسكوا عن بعض ما أنتم عليه ينظر ما يكون فمضت أيام فقالوا ما نرى شيئاً فنزل اقترب للناس حسابهم فأَشفقوا فامتدت الأيام فقالوا يا محمد ما رأينا شيئا مما تخوفنا به فنزل أتى أمر الله فوثب النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ ورفع الناس رءُوسهم ظنوا أنها قد حضرت حقيقة فنزل { فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ } أى لا تطلبوا مجيئه قبل وقته فإِنه لا خير لكم بل فيه عقابكم وإِذا جاء فلا مرد له فاطمأَن ـ صلى الله عليه وسلم ـ حينئذ والناس وقال " بعثت أنا والساعة كهاتين يشير إِلى السبابة والوسطى " وسبقها بمثل ما فضلت الوسطى على السبابة وبعثه من علامات الساعة ولما مر جبريل بأَهل السماوات مبعوثا إِليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ قالوا الله أكبر أقامت الساعة وذلك قول الجمهور. وقال الحسن وغيره أمر الله عذاب الكفار فى الدنيا ونصر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما فعل ببدر فذلك جواب لقولهم أتينا بعذاب الله وقولهم اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأَمطر علينا حجارة من السماء أو أتينا بعذاب أليم وممن قال هذا النضر بن الحارث وقيل يوم بدر أسيرا وكانوا يقولون إِن صح ما يقوله فالأصنام تشفع لنا، والخطاب للكفار كما علمت فقوله بعد ذلك يشركون جاء على طريق الالتفات من الخطاب للغيبة ويصح أن يكون الخطاب للمؤمنين أو لهم وللكفار كما مر أنهم جميعاً رفعوا رءُوسهم عند نزول أتى أمر الله حتى نزل فلا تستعجلوه وعلى ذلك فلا التفات ثم { سُبْحَانَهُ } نزهوه عن الشرك الذى من جملته استعجال الكفرة الأمر تكذيبا واستهزاء واتخاذ الأصنام { وَتَعَالى } عظم وجل { عَمَّا يُشْرِكُونَ } ما مصدرية أى عن الإِشراك بمثل ذلك الاستعجال الصادر منهم تكذيباً واستهزاء واسم أى عن الأصنام التى يشركونها به ويزعمون أنها تدفع عندهم ما أراد بهم بالشفاعة وتنازع سبحانه وتعالى فيما بعدهما وقرأ حمزة والكسائى عما تشركون بالتاء الفوقية ليطابق فلا تستعجلوه على أن الخطاب فى تستعجلوه للكفار ومن قرأ أى بالتحتية فيهما.