الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ كَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَى ٱلْمُقْتَسِمِينَ }

{ كَمَا أَنزَلْنَا } ما مصدرية أو اسم موصول والكاف متعلق بمحذوف نعت لمحذوف عائد إِلى قوله النذير أى أنا النذير بإِنزال الله عذاباً ثابتاً كإِنزالنا أو بعذاب ثابت كإِنزالنا العذاب { عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ } أو الكاف نفسها نعت للمحذوف ويجوز عود ذلك إِلى أتيناك أى أتيناك إِيتاء ثابتاً كإِنزالنا الكتاب على المقتسمين فإِن إِيتاء السبع المثانى إِنزال لهن أو متعلق بأتينا وعليهما فالفصل بالنهى عن مد العين إِرشاد إِلى ما يقوى التسلية عن تكذيبهم والحزن والأَمر بخفض الجناح ولا التفات عليهما بخلاف ما إِذا أُعيد ذلك إِلى النذير ففيه التفات فإِن مقتضى الظاهر أن يقال مثلا أنا النذير بإِنزال الله عذاباً ثابتاً كإِنزاله العذاب على المقتسمين وهم اليهود والنصارى عند ابن عباس رضى الله عنهما وابن جبير والحسن ومجاهد، سموا بذلك لأَنهم قسموا القرآن آمنوا بما وافق كتبهم، وكفروا بما خالفها، وقال عكرمة قسموه استهزاء، فيقول بعضهم سورة البقرة لى، ويقول بعض سورة آل عمران لى، وقيل لأَن بعض اليهود أقر ببعض التوراة وأنكر بعضاً وبعضاً أنكر ما أقر به ذلك البعض وأقر بما أنكر وكذا النصارى فى الإِنجيل، وهو رواية عن مجاهد، وذلك تسلية لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن تكذيب قومه بالقرآن، وقال قتادة وابن السائب هم كفار قريش لانهم اقتسمت أقوالهم فى القرآن فبعض قال إنه سحر وبعض إنه شعر، وبعض إنه كلام كاهن وبعض إِنه كلام مجنون وبعض إنه كذب وبعض إنه أساطير الأَولين ونسب بعض المتأَخرين هذا القول إِلى عكرمة. وقال الواحدى هم الذين اقتسموا الطريق إلى مكة والعقبات التى توصل إِليها أيام الموسم ليصدوا الناس عن الإِيمان برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعثهم الوليد بن المغيرة وهم ستة عشر، وقيل أربعون، فقال إذا سأَلكم أحد عنه فليقل أحدكم إِنه ساحر وأحدكم إنه كاهن وهكذا وقولوا أيضاً لم يسأَلكم وقعد هو على باب المسجد فإِن ذكر له ما قال أحد المقتسمين قال إنه صادق فيما قال، وذلك رواية عن ابن السائب وأهلكم الله يوم بدر ويجوز أن يكون المراد تسعة الرهط الذى تقاسموا على صالح أن يبيتوه فالاقتسام على هذا خلف، وهذا إِنما يصح على أن يجعل الموصول المذكور بعد هذا مبتدأ خبره فوربك لنسألنهم أى نقول لهم فوربك لنسألنهم لا على أنه نعت إِلا أن نفس القرآن بما كان منزلا على صالح بقراءة كما يجوز تفسيره بما يقرأه اليهود والنصارى من التوراة والإِنجيل إِذا فسر المقتسمون بهم لكن الظاهر أن المراد كتاب الله المنزل على سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ.